2017-07-12
منذ عهود قديمة عرف الناس الكرم والضيافة، وكانت هذه الخصلة النبيلة من عادات العرب في القديم في زمن الجاهلية، فكانوا يتنافسون في إكرام الضيف واستقباله وتقديم الواجب له، على اعتبار أن ذلك كان آنذاك مدعاة للفخر بين القبائل، وكانت هناك بيوت مشهورة بالكرم، حتى إن النار في بيوت هؤلاء القوم لا تُطفأ أبداً، مما يدل على شدة كرمهم وعطائهم السخي حتى ولو على حساب أنفسهم وأبنائهم، مع فقرهم وحاجتهم.
وثمة قصص على ما سبق لست هنا بصدد ذكرها، وإنما أكتفي بالتعرض لقصة كريم الشمال حاتم الطائي، حينما قدم فرسه الغالي لإكرام جارته وصبيانها، والعجيب أنه لم يأكل منه شيئاً، ولما أشرقت شمس النبوة وظهر نور الإسلام نهى وحذر القرآن العظيم في آيات عدة من البخل والتعامل به، فقال تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِه وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) النساء: 37.
وحث النبي صلى الله عليه وسلم، في أحاديث عدّة على الكرم والتحلي به، وعزز هذه الخصلة النبيلة، وجعل هدف ذلك أخروياً، فهو يكرم الضيف من أجل أنه دين وعبادة يرجو بها العبد حصول الأجر في الدار الآخرة، فقال صلوات الله وسلامه عليه «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»، متفق عليه. وهو أعظم كريم عرفه التاريخ مطلقاً صلى الله عليه وسلم، فكرم النبي صلى الله عليه وسلم ليس مثله كرم، وضيافته لا تعادلها ضيافة، ويتجلى كرم المصطفى في مواقف كثيرة تعج بها كتب السنة والسير، التي يعجز عن حصرها المتتبع، ويحير في تصورها المتصور.
ومن هذه المواقف التي تدل على كرم المصطفى، أنه جاءه رجل يريد أن يدخل في الدين، فأهداه النبي صلى الله عليه وسلم غنماً بين جبلين. فرجع الرجل إلى قومه وهو يقول: أسلموا يا قوم فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة. أخرجه مسلم.
والعجيب أن هناك فئات من المجتمع لئيمة استخدمت هذه الخصلة الشريفة، وحولتها بتصرفاتها إلى خصلة ذميمة فتواطأت على إكرام المجرمين والإرهابيين وضيافتهم، كما هو حال بعض من في الدولة المجاورة «قطر» .. مدعين أن ذلك يأتي باسم الدين والوطن، ونصرة المسلمين ومراعاة مصالح دول الجوار.
فهؤلاء لا يمثلون إلا فكرهم الخاطئ، وقلوبهم التي مُلئت كمداً وغيظاً، ومواقفهم التي تأكد للجميع أنها ضد مصالح الأمة الإسلامية أكبر دليل على ذلك.