إعادة بناء ما دمرته الحرب

قرأت مرة عن ضباط من الروس اضطرتهم ظروف الحرب إلى تناول طعام الكلاب وكان يقدم لهم على شكل حساء، بعد أن استُبدل بالملصق الأصلي ملصق آخر على العلب كتب عليه لحم بقر عالي الجودة. أحالني هذا الخبر إلى الدور الكبير الذي تحملته قوات الشرطة الخاصة في اليابان أثناء أزمة البلاد من تسونامي؛ فضلاً عن الدور البطولي للبعض منهم في معمل المفاعلات النووية حين استكشفوا بجسارة مدى تأثيره مع علمهم المسبق بأنهم سيكونون وليمة للموت. وفي التاريخ القديم في زمن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، قاتل المسلمون في غزوة بدر وهم صيام في شهر رمضان، وغزوات أخرى كان الرسول صلوات الله وسلامه عليه، والصحابة الكرام يضطرون إلى ربط حجر على بطونهم اتقاء لشر الجوع. معاناة جنود الحروب في كل زمن كانت شاقة ومؤلمة، وفي قراءة لرواية الكاتبة الألمانية هيرتا موللر الحاصلة على جائزة نوبل للآداب عام 2009، في روايتها أرجوحة النفس عرضت وصفاً عميقاً ودقيقاً لمعنى معاناة الجنود في حروب دامية؛ تقتل الإنسانية وتهدر الكرامة البشرية. روايتها عبارة عن سرد لسيرة ذاتية لأحد الجنود المشاركين في تلك الحروب حيث سيق كل الرومانيين من أصل ألماني الذين كانت أعمارهم تتراوح بين 17 و45 سنة إلى معسكرات العمل الشاق لـ «إعادة بناء ما دمرته الحرب» .. ليعملوا فيها عبيداً خلال فترة تصل إلى خمس سنوات في تلك المعسكرات التي افتقدت حتى أقل درجات البيئة الصحية التي من الممكن أن يحياها آدمي على الأرض. مؤلفة ومدونة