الجمعة - 03 يناير 2025
الجمعة - 03 يناير 2025

ليس عناداً

لو افترضنا وأنت في عمرك الآن أن شخصاً مقرباً إليك، يملي عليك ما هو الصحيح، وما الخطأ، ويفرض عليك ذلك فرضاً، بحكم مكانته أياً كانت، بمعنى أنه يحركك على هواه، ضارباً بإدراكك عرض الحائط، لأنه هو فقط من يعرف الأصلح لك، ويعرف ما يضرك وما ينفعك، أتراك تقبل وتتبعه من دون نقاش، من دون تمرد، من دون تحدٍّ؟ بالطبع لا، لكن ما ذكر أعلاه يمارس ضد الطفل وبصورة أسوأ، حين يقدِم الطفل على سلوك ما أو اختيار خاطئ وفيه ضرر، ماذا تفعل معه؟ يمكن أن تعاقبه، يمكن أن ترهبه بصوت عالٍ، ويمكن أن تصل معه إلى الضرب للأسف، وبرغم ذلك فإنه يكرر الأخطاء مرة بعد مرة، وللأسف أيضاً تظنه يعاند، مع أن الذي حدث ببساطة، أنك لم تشرح لماذا تمنعه من ذلك السلوك الذي أثار حفيظتك، وأغضبك، كل ما كنت تفعله أنك تحذر، تتوعد، تعاقب! أنت لم تشرح له تبعات السلوك الذي أقدم عليه، لم تشرح له الأبعاد التي تترتب عليه، باختصار لم تخبره لماذا السلوك خطأ لكي لا يفعله، وكل الذي حدث مجرد فعل تبعته عاصفة من الغضب فقط، وعلامات استفهام تغلف عقله، أنت تشوش إدراكه، بل لا تؤمن بأنه يدرك، ويمكنه الفهم والتفهم. جرب ولو مرة حين ينفجر أي موقف أن تأخذه بهدوء وتقول له أنت فعلت والنتيجة تكون كذا، خصوصاً إن كان فيه ضرر على الآخرين، واشرح له كيف يؤذيهم ذلك، اشرح له لماذا عليه أن يفعل العكس، حينها ستكسب أموراً أعمق مما تتخيل بينك وبين الطفل، ستعلمه كيف يفكر، ستدربه على التعاطف، سوف يتهيأ للمستقبل، لن يستطيع أحد أن يملي عليه الكذب، بل سيكون قد تعلم حقه في السؤال، والبحث عن الأسباب. أعلم أنك لن تكون في كامل استعدادك لتكون مربياً صبوراً، لكن تذكر أنها فترة لن تعود، استمتع بها واكسبها، لأنك مستقبلاً وحين يكبر طفلك ويصبح ناضجاً سيكون المردود في حينه أضعافاً مضاعفة، وفي الوقت الحالي ستحمي نفسك وعائلتك من الإحراج وثورات الغضب والتنافر العاطفي، ستربي فعلاً وقولاً. [email protected]