الجمعة - 03 يناير 2025
الجمعة - 03 يناير 2025

اليوبيل الذهبي للتسامح وبناء الإنسان

اليوم، نستحضر ذكرى اليوبيل الذهبي للتنمية المستدامة وبناء الإنسان .. هي القيمة الوجدانية والوطنية التي تترسخ يوماً بعد آخر في فكر وعقل كل إماراتي ومقيم عايش ولادة وطن التسامح والسعادة؛ فقبل نصف قرن، انبلج صباح وطني وإنساني احتضنه فكر زايد في أبوظبي، بيد أنه ما لبث أن أفرد جناحيه، بعد خمس سنوات في الثاني من ديسمبر عام 1971، ليضم الوطن الأم: دولة الإمارات العربية المتحدة .. نعم، إنه الوطن الكبير الذي وُلد على يدي زايد الوالد وغرس في أبنائه قيم النُبل الإنساني وحكمة المؤسس، القائد الذي كرّس حياته وأفكاره لخدمة الوطن وبناء الإنسان، هو زايد الخير، المدرسة التي تأسست على حب الانتماء والولاء للوطن، حتى غدا هذا الحب وهذا الانتماء جينة تجري في عروق كل إماراتي، بل وفي دم كل إنسان يعيش على هذه الأرض الطيبة. اليوم، وفي كل يوم، يحضر فكر زايد الإنسان متدثراً بحكمة تطغى على تفاصيل كل لحظة في حياتنا .. متنسماً بأيقونة تنثر مكوناتها الوطنية في اللغة والثقافة والأدب والموروث الشعبي والاجتماعي.. ذكرى المؤسس الكبير، هي حضور لمستقبل مكلل بحب الأرض والانتماء للوطن ورفعة الإنسان والانتصار للعلم والمعرفة.. حضور لا يضاهيه حضور في التنمية المستدامة التي انتهجها الوالد الراحل. وإذ استدعى السادس من أغسطس الحديث عن ذكرى المؤسس الكبير، فهو يستحضر بالضرورة الحديث عن ذكرى يوبيل ذهبي من العمل الإنساني لقائد ارتقى بالوطن وكبر فيه أبناء الوطن على امتداد جغرافيته وتاريخه.. فزايد الخير الذي امتدت أجنحة عطائه إلى كل أصقاع الأرض من دون تمييز عرقي أو ديني أو مذهبي، غدا رمزاً للعطاء الإنساني الذي كللت أياديه البيضاء كل بقعة في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.. زايد هو الإنسان الذي أمضى حياته مناصراً للفقراء والمحتاجين، وهو الإنسان الذي امتدت أياديه المعطاءة لمساعدة المرضى والمنكوبين، وتجلى ذلك العطاء في بناء المؤسسات الخيرية ودور العبادة والمستشفيات والمدارس والجامعات لمستحقيها .. ولا دلالة تضاهيها دلالة على قيمة الخير أكثر من المشاريع التنموية والصحية والتعليمية في محيطنا العربي التي تحمل بصمات الخير والعطاء للمغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه .. هو زايد الذي كرس موارد الخير في الإمارات لأبناء الوطن والأشقاء وخدمة الإنسان والعمران والتنمية، إلى أن أمسى اسمه، طيب الله ثراه، وسام خير على صدر الإنسانية. السادس من أغسطس، يستدعي ذكرى يوبيل ذهبي لرمز كبر ولا يزال يكبر فيه العالم العربي .. فزايد كان ولا يزال وسيبقى رمزاً للتسامح والوحدة ونبذ الفرقة، ورفض التطرف، كما سيبقى نهجاً في روابط الأخوة العربية وتقريب وجهات النظر بين الأشقاء وركناً أساسياً من أركان الاستقرار في بلداننا التي رآها، رحمه الله، تعاني حالة من الضياع وفقدان الاستقرار التنموي والاجتماعي والسياسي والأمني .. وفي ظل هذا الانهيار العربي المؤسف، بدأ يترسخ في عقل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الإيمان في الاتحاد، فكرس جل جهده لإنجاح الفكرة وولادتها على أرض الواقع، تفانى في العمل مقتنعاً بأن الوحدة قوة والفرقة ضعف، وبالفعل، مضى قدماً إلى أن جعل الحلم حقيقة، بل محطة مفصلية وأنموذجاً في التجربة الوحدوية العربية، فولد الوطن باسم زايد الإنسان، وكبر باسم زايد الخير، ويستمر باسم زايد المتسامح. زايد الخير هو الجوهر الذي منحنا نحن العرب ضرورة وجود حتمية في الاتحاد، فكان رجل المرحلة الآنية وزمن المستقبل، في وقت سقطت التجارب العربية الوحدوية في مستنقع التشتت والفرقة المأساوية. للسادس من أغسطس 1966 يوم تولي المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الحكم في إمارة أبوظبي، ذاكرة حية لم ولن تُمحى، ذاكرة اليوبيل الذهبي لنصف قرن على ولادة التنمية المستدامة وبناء الإنسان .. كتب بحبرها زايد مستقبل وطن السعادة والتسامح، مستقبل دولة تحتفي مع العرب، بل والعالم أجمع في كل يوم، بعطاء مؤسسها، واليوم وغداً وقبل وبعد 50 عاماً، ستحتفل الإمارات بمزيد من العمل والمحبة والتسامح والابتكار، وستمضي قدماً على تحقيق مزيد من حلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في العمران والتنمية المستدامة وبناء الإنسان. زايد الخير، سيبقى القيمة الإنسانية والوجدانية والوطنية والعروبية النابضة في القلوب، القيمة التي يكبر العرب فيها ويكبر فيها شعب الإمارات وتكبر فيهم قيمة وطن يزداد رسوخاً يوماً بعد آخر بقوة بنيانه واتحاده .. نعم، هي ذكرى عظيمة تسمو بسمو الإمارات وعمق الانتماء إلى وطن يستمد من ذكرى المؤسس الكبير الوفاء الخالص للتسامح وبناء الإنسان.