2015-03-04
جميعنا يعلم أن الأمانة في تعريفها ما هي إلا رعاية حقوق الله تعالى بتأدية ما على المرء من الفرائض والواجبات وحفظ حقوق عباده، فلا يطمع في وديعة اؤتمن عليها أو ينكر مالاً وُكل إليه أمر حراسته. ولو توقفنا مع الوظيفة سنعلم أنها ما هي إلا أمانة لا بد من أن نحرص على الحفاظ عليها ورعايتها، بل هي من أهم الأمانات في حياتنا اليومية، والتي نحتاج لها إلى الضمير الحي الذي يضمن الدقة في الإنجاز وتحقيق الأداء بلا زيف وإهمال وخيانة.
ولكن ماذا عن هؤلاء الأمناء المتألمين وراء مكاتب العمل؟ عبارة ذكرها لي أحدهم ممن يعانون في حياتهم الوظيفية حين قال: أنا موظف مخلص أمين أخاف الله في أداء مهامي، والنفاق هو البلاء الوظيفي الذي أقاومه يومياً في حياتي المهنية، ولكن للأسف لا أحد يكترث بي .. لا مسؤول ولا إدارة! نعم، حقيقة موجودة في ظل ما يسمى النفاق الوظيفي، والذي اعتبره البعض حالة خاصة لدبلوماسية إدارية مقنعة، لعبة ذكية .. الشاطر فيها يصل بسلاسة، ولكنها لعبة رخيصة صعبة تحتاج لألف قناع وقناع.
الغريب أنني بدأت المقال بالأمانة، وها أنا أتوقف مع النفاق، وكلاهما نقيض بعض في السلوك الوظيفي، ولكن ما الذي يقودنا دوماً حين نتحدث مع الموظفين عن أجواء العمل والوظيفة، نكتشف عذابات الموظفين وبسهولة نراها تطفو على وجوههم؟ لماذا حين يأتي يوم الخميس يتنفس الجميع فرحاً وهرباً نحو إجازة نهاية الأسبوع؟ لماذا وهم كثير .. حين يطل علينا يوم الأحد نراهم مكتئبين، يودعون السبت بوجوه عابسة وتعابير حسرة وعبارة اعتدنا سماعها «الإجازة مرت بسرعة».
وظيفتنا هي حياة تضاف لحياتنا، هي نصف يكملنا لنحقق ذاتنا، هي وجه آخر يصقل مواهبنا وإمكاناتنا ويعزز من قدرات نبتت يوماً خلف مقاعد التخصص والدراسة، هذه الوظيفة على الرغم مما نمر به من إحباطات ونفاق وحتى ظلم، لنجعل الأمانة الوظيفية بين أعيننا كل يوم مع أول خطوة نحو العمل، تلك التي ستجعلنا ننهض صباحاً ولدينا حب للعطاء، وأن نتجاهل جروح أشواك أرادت أن تحُول بيننا وبين قطف الأزهار، فقط لندع المنافقين يتسلقون كما يشاؤون، فكلها قناعة، ولكن سيأتي يوم يسقطون فيه، فأنت لن تنال إلا ما كتبه الله لك .. بأمانتك.
[email protected]