2014-09-30
إذا كان الهم بكل أطيافه وأنواعه له أثر بالغ في حياتنا اليومية، فله أيضاً أثر حتى في تفكيرنا، ثم في قراراتنا تجاه معظم الأمور الحياتية، سواء آنية أو مستقبلية. هذا الأثر كما هو معروف ومسلم به ليس إيجابياً وجميلاً، بل هو مدمر للصحة النفسية والجسدية في آن واحد، فكيف هو الحال إذا بتنا محاصرين بجملة من الهموم الحياتية التي لا تخفى على كل واحدٍ منا.
ولعل البيت الشعري الشهير الذي قاله المتنبي عن الهم، يوجز الكثير: «الهم يخترم الجسيم نحافة .. ويشيب ناصية الصبي ويهرم». وهذا بحق ما يحدث في كثير من الأحيان، فالهم فعلاً يفسد الجسم والصحة، وكم من شاب في مقتبل العمر عندما تشاهده تعطيه أكبر من عمره بسنوات طويلة.
يجب ألا نستغرب مشاهدة الكثير من الناس وهم مهمومون، فطبيعة الحياة المعاصرة الحديثة لها أثرها البالغ في ينبوع الهم، فالتسارع والعمل المتواصل جعلا إنسان اليوم مضغوطاً تماماً وسط هذه اللجة من المتاعب والمهام المتواصلة التي لا تكاد تتوقف ولا تنقطع. أعمالنا وأشغالنا لا تنتهي أبداً، بل يزعجنا تعثرنا في إتمامها على الوجه الصحيح. في صباحاتنا نبدأ مهام الوظيفة، وفيها نجد منغصات وتقلبات وضغوطاً شديدة، وفي منازلنا نجد التزامات أخرى لا تقل أهمية، وفي المساء أو في خروجنا للهو والترويح عن النفس تضيق علينا أرواحنا من الزحام في الطرقات والمتنزهات، وتؤلمنا مشاهد وتصرفات غير سوية وغير أخلاقية، لتضيف على العبء أعباء.
أجزم بأن كل واحد منا بحاجة ماسة لإجازة لوقت مستقطع ليهرب من كل هذه الهموم والضغوط، ولكننا نعلم جميعاً أنه في سبيل التخلي عن مثل هذه الواجبات سيكلفنا المزيد من الهم والغم، هذا الحال قد تجده ماثلاً على أوجه كثير من الناس في كل مجتمع وبلد، لذا تبقى أهمية أن يبادر كل واحد منا للتخلص من مثل هذه الهموم ومن أي تأزم أو توتر، والابتعاد عن مثل هذه الحواف التي قد تصيبنا بخطر بالغ في صميم صحتنا. وكما قال شكسبير: «الهم عدو الحياة»، فلنحارب هذا العدو ولنبسط أمورنا ونظرتنا ولا ننتظر من أحد أن يتعاطف معنا أو أن يأتي ليخفف عنا، لنأخذ زمام المبادرة ونتدرب على كيفية التخلص من الهموم والأحزان، ولنتذكر دوماً المثل الصيني: «عش يوماً خالياً من الهم تعش يوماً خالداً».
[email protected]