السبت - 26 أكتوبر 2024
السبت - 26 أكتوبر 2024

إلى متى أيها الفيسبوك

هل حدثك أحد من قبل عن رغبته في الابتعاد عن الفيسبوك؟ وهل أخبرك عن الصراع الذي يواجهه مع أجهزته الذكية والغبية التي تناديه من بعيد، هذا إن لم تعوّده لا شعورياً على أن يمدّ يديه إليها بحثاً عن أي جديد يحدث في هذا الموقع. هذا ليس بجديد أبداً، فمعظمنا يعرف شخصاً أو أكثر ممن أرادوا الابتعاد عن الموقع، وبعضنا أيضاً أراد ذلك ليتمكن من استعادة حياته الطبيعية «البشرية» إن أمكن، وحجته في ذلك: طالما استطعنا العيش قبل الفيسبوك، فإن بإمكاننا فعل ذلك الآن. كنت مازلت أؤمن بتلك الفكرة رغم أني لم أفكر يوماً باعتناقها. فهذا الموقع كان ومازال حلقة الوصل بيني وبين كثير وسط كل هذا الانشغال والزحام. إلى أن داهمت الفكرة رأسي منذ يومين، حين شعرت بأني مقيدة، تحت أمر القارئ، وملزمة بشرح كل مواقفي، حتى الشخصي منها. وقد أتعبني أيضاً كل هذا الضجيج حول السياسة والفن والآراء، وثلاثة أرباع ما يقال، يُقال دون علم يذكر. في الصباح التالي من ذلك اليوم، أغلقت صفحتي الشخصية والأدبية وقررت أن أستعيد حريتي بعيداً عن قطعة الحديد باهظة الثمن التي لا تفارق يدي، ولا ترمش عنها عيني. ولو كان ذلك بشكل مؤقت حتى أشفى من إدمان البحث عن التنبيهات والتعليقات واللايكات. وصلتني مكالمات تطالبني بالعودة، وتشكك في قناعتي بإغلاق الصفحة. للحق أنا أشك في قناعتي بإغلاقها. ذلك أني عرفت الآن لماذا لجأت للموقع من الأساس، أنا أبحث عن الاتصال بالأصدقاء وسط أيامي المشغولة، وأعمالهم التي تسرقهم طوال اليوم، ثم إني اكتشفت أنه يشبه محطة إعلامية خاصة، حين تظهر منه على الناس، لا تعود تملك نفسك، ولا تعود صاحب قرار بالرحيل أو العودة. يومان من الرحيل عن هذا الموقع، وأشعر أني فقدت أداتي الإعلامية الأهم ككاتبة ورسامة. أنا مثل كل الأصحاب، لا يمكنني الاستغناء عن هذا الأفيون الأزرق، لكني ببساطة، أحاول أن أجد لهذا العشق أسباباً منطقية، وأجرب أن أشفى من إدمانه. فخير لي التصالح معه بدل أن يتركني ويأخذ البشر إلى عصره الذهبي. للتواصل مع الكاتب [email protected]