2018-09-18
ما الذي يجعلنا نتحدّث لغاتنا منذ الصغر؟ ما الذي يجعلنا نألف مكاننا، محيطنا، عاداتنا وثوابتنا؟ ما العامل الأشد تأثيراً في تشكّل طريقة تشغيل عقولنا؟ لو أمعنا النظر في العديد من الأمور التي اتخذت مكانها عميقاً في وعينا وذاكرتنا لرصدنا علاقتها المدهشة مع التكرار المنساب بعفوية في سياق الحياة اليومية.
عقولنا تمنح قيمة كبرى للأمور التي تتكرّر كثيراً أمامنا، سيّما تلك الأمور التي ـ لسببٍ أو لآخر ـ نسمح لها أن تحدث أمامنا مراراً وتكراراً بدون أن نمنعها أو، على الأقل، نضعها في سلة التجاهل.
للتكرار الحاصل على تصريح رسمي بالعمل تأثير سحري في عملية التثبيت والتجذير في وعينا وفكرنا وذوقيّاتنا، لذا ومن هذا المنطلق، يجب علينا رفض تكرار أي لغة منطوقة لا تتماشى مع «فلاترنا»! بلا خجل وبلا تردّد وبلا تلطّف! فالتفاهة اللفظية تتسلّل إلى عقولنا وتحجز حيّزاً لتنخر في ذوقنا بدون أن ندرك خطرها! الأمر بحاجة إلى وقفة حازمة حاسمة.
من يمنح أذنه لتوافه الأغاني الشائعة فسيُصاب بلوثةٍ ذوقية، ومن يغص في نصوصٍ ساذجة لمرات عدة فسيكتسب من سذاجتها بدون وعيٍ مسبق! من لا يملك الجرأة لرفض بعض الصرعات الكلامية السوقية فسيجد نفسه يوماً ما ينطق بها بدون تفكير، وهذا سيخفض مستوى حاجز الرفض في عقولنا تجاه هذا الانحدار. راقبوا مستوى بلاغتكم اليومية بكل صرامة تفادياً لنفوذ الأذواق الرديئة ودعماً لأصحاب الأذواق الراقية.
[email protected]