2018-09-03
*في الصف الأول الثانوي، اجتمعت في يوم النشاط المدرسي بطالبة لم تكن في صفي الدراسي، كان يوماً مفتوحاً، تقوم فيه الطالبات بأنشطة عدة، إما بمفردهن أو بمشاركة من يرغبن من زميلاتهن، على أن يجري إنجاز نوع النشاط الحر في ساعات النشاط المدرسي نفسها، وعادة ما يجري عرض جميع الأنشطة في ردهات المدرسة الداخلية والبعض الآخر في الصفوف الدراسية، وبعد التقييم من قِبل اللجان، يجري ترشيح بعض منها للمشاركة بها في مسابقات للأنشطة بين المدارس.
الطالبة التي التقيتها كانت تتمتع بشخصية قيادية ديناميكية، تمتلك روح المبادرة والمثابرة، يشع من عينيها بريق ذكاء لافت لا يمكن تجاهله.
هناء، كانت تمتلك موهبة الرسم، فضلاً عن خط جميل يسر الناظر والقارئ، علماً بأنها لم تكن طالبة نجيبة، إلاّ أن هواياتها كانت محل تقدير وثناء من معلماتنا وزميلاتها، اللائي وجدن فيها ميزة قلما توجد في بنات جيلها.
هناء، كانت الابنة البكر في عائلتها، مرض والدها المبكر جعله يتكئ عليها باكراً في حمل مسؤولية بقية إخوتها. هناء، بعد شيوع موهبتها في الخط والرسم في المدرسة، أصبحت ملجأ للطالبات من جميع المراحل الدراسية، تنفذ لهن لوحات نشاط للمواد كافة، كنشاط طلابي مدرسي يجري احتساب درجته التقديرية من قِبل المعلمات وإضافته إلى معدل الطالبة النهائي، مقابل مبالغ مالية.
هذه الموهبة، فتحت لهناء باباً للرزق في سنها الصغيرة، ولكون والدتها موظفة بسيطة، أخذت على عاتقها التكفل بمصاريف إخوتها الثلاثة، وبعد توسع نشاطها إلى خارج نطاق المدرسة، أصبح بإمكانها الادخار، فهناء، كانت تعشق السفر واكتشاف وجهات جديدة سمعت عنها وحلمت بها كثيراً.
فما أن ينتهي العام الدراسي حتى تحمل حقيبتها الصغيرة وتنطلق بصحبة أخيها في رحلات قصيرة حول العالم بمجموع ما ادخرته خلال العام.
بعد عقدين، التقيت هناء صدفة، وأنا ألج محلاً لطباعة بطاقات الأفراح، وجدتها بالحماس والديناميكية والثبات والحضور الإداري المميز ذاته، تدير عملها الخاص الذي استوحته من موهبتها وشغفها بالرسم والخط.
سيدة أعمال ناجحة؛ اكتشفت نصف العالم باكراً، نقلت الكثير من ثقافات العالم وحولتها إلى رسومات وخطوط ونقوش نافرة أنيقة نفذتها بحب وشغف على بطاقات الأفراح ومناسبات عدة كثيرة ربما لم تجرب طعمها بعدُ!
[email protected]