الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

حواء والعلم الزائف!

ماذا يقول لك برجك اليوم؟ ماهو حظك لهذا الأسبوع؟ احذري قد يكون زوجك خائناً إن كان من برج الأسد؟ جميعها شعارات لعالم الأبراج التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ في حياة الكثيرين ممن تربطهم بعادات قراءة الطالع والفأل علاقات وطيدة بحيث لا يخطون خطوة نحو الأمام من دون المرور على تنبؤات وتوقعات المنجمين ممن يطلقون على أنفسهم لقب علماء التنجيم وخبراء الفلك، فيوهمون متابعيهم بقدرتهم على تحديد الوقت المناسب للعلاقات الإنسانية وشؤون الحياة كالزواج والعمل ومواعيد السفر والصحة وحتى الموت والتنبؤ بالمستقبل وما يخبئه، باستخدام رموز معقدة وعبارات يسهل من خلالها الضحك على العقول. ولدى البعض أصبح هذا العلم الزائف كما يطلق عليه بمثابة صمام أمان أو ناقوس خطر يعمل كإشارة يتبعونها قبل القيام بأي خطوة مصيرية في الحياة، وبطبيعة الحال يتفاوت ذلك وفق الثقافات والمعتقدات والوعي. وإن نظرنا من حولنا لأدركنا أن كل هذه الأمور لا تقوم على أساس علمي صحيح، بل يراها علماء الفلك والباحثون وغيرهم على أنها من العلوم المبتدئة لكونها تقوم على التخمين لا التجريب، وتعتمد على الخزعبلات لدرجة أن صنفها البعض على أنها من أشكال السحر والشعوذة ومرتبطة بعادات الشعوب منذ العصور القديمة، فضلاً عن كونها العدو الأول لعلم الفلك. في وقتنا الراهن يتجاوز الأمر كون التنجيم مجرد علم زائف إلى مشروع تجاري استغلالي يستهدف السيدات والفتيات في المقام الأول .. والوسائل لتحقيق ذلك كثيرة مع التحول الرقمي الهائل، فلم يعد الأمر مقتصراً على عمود الأبراج في الصحف اليومية أو البرامج التلفزيونية والقنوات الخاصة بالدجالين وقراء البخت التي تستجلب عواطف الإناث وجيوبهن نتيجة الجهل الذي يقود إلى الاستغلال، بل أصبحت المجالس والتجمعات النسائية لا تخلو من ذكر الأبراج وتأثيراتها في الوضع الاجتماعي والنفسي وغيرها، حتى وصل الأمر إلى اختيار شريك الحياة وفق برجه. وفي بعدٍ آخر لهذا الموضوع أكد لي أحد الباحثين في علوم الفلك أنه في ظل توجه الدولة الجديد لدخول عالم الفضاء والاهتمام المتنامي بعلم الفلك وتشجيع الأجيال على الاتجاه نحو هذه التخصصات باتت الحاجة ملحة لإزالة الشوائب عن هذه العلوم وفِي مقدمتها ما ذكرته مطولاً حول التنجيم و كذبة الأبراج، لتتم تنقية الأفكار بالتفنيد العلمي الدقيق والحجج العقلية وإقناع المجتمع بأن «علم الفلك» هو علم واسع لا حدود له، فإن كان التنجيم علماً حقيقياً لاستطاع محترفوه اكتشاف «برج الحواء»الجديد الذي يعد البرج الـ 13 وغيّر مكان الأبراج المتعارف عليه وتوزيعها الزمني .. إلا أن ذلك تم على يد علماء الفلك وفق أسلوب علمي مدروس وحسابات فلكية دقيقة مربوطة بالشمس والأجرام السماوية الأخرى لا «بعقول السيدات» ومبدأ القول السائد في علم التنجيم «أستطيع أن أرى ما هو في الأسفل من خلال النظر إلى أعلى». أولاً وأخيراً .. للإعلام دور محوري في تصحيح هذه المفاهيم بين الجمهور وإيضاح الفروقات بين العلوم الزائفة التجارية وعلوم المستقبل. [email protected]