2018-08-30
في كتابه «كلنا نمثل في مسرحية» يوضح عالم الاجتماع والكاتب إرفنج جوفمان أن سلوكنا الاجتماعي يرتبط بعالم المسرح الوهمي وعالم الأدوار، أليس هذا ما تؤكده الكثير من الممارسات على منصة الانستغرام؟ فمن خلال تصفح سريع عبر هذا المسرح الافتراضي يمكننا ملاحظة أدوار مختلفة يبرزها عبر مقاطع الفيديو كثير من مؤثري الشبكة ونجوم الفن والموضة وحتى شخصيات الإعلام والسياسة لإحداث تأثيرات تصب في النهاية في خانة جني الإعجاب وتحقيق الانتشار الفردي.
هناك عملية انتقاء يسبقها وعي واعتقاد بأن هذا العرض يحقق تأثيرات إيجابية بالنسبة للناشر دون النظر في الناتج على جمهور المتابعين وتتم إدارة الانطباع هذه بشكل مدروس معظم الوقت ومن خلالها يختار صاحب الحساب المظهر الخارجي المطلوب لإحداث التأثير والمحتوى الذي يسعى من خلاله لتوجيه انطباع معين عند المتابعين والتحكم به، ولكن هل يتحقق هدف الاقناع بطرق العرض المتبعة؟ نظرة على أرقام أرصدة المتابعين المتضخمة - باستثناء الوهمية - يمكن أن تقنعنا بأن الأمر صحيح لكن ماذا لو كان سبب المتابعة لا يرتبط بقيمة المحتوى بل بالفضول الذي يثيره الانطباع الذي يخلفه المؤثر عند متابعيه؟
أظهرت الشبكة الكثير مما كان الناس يجتهدون في زمن مختلف لإخفائه، ومنحت البعض تلك الشجاعة التي يفصلها الزمن الحقيقي والمسافة الواقعية عن المتابع ولم تمنع الكثيرين من تجاوز مخاوفهم الكامنة من الظهور على حقيقتهم، الأمر الذي يطرح سؤالاً آخر عن حقيقة الرغبات وراء إحداث انطباع معين في المجتمع الافتراضي والتي تتمركز في معظم الوقت في الظهور بغض النظر عن الطريقة والنتيجة.
لكن ذلك لا يمنع من الوقوف عند فكرة التسويق الذاتي المشروعة والتي يمكن اتباعها لتحقيق أهداف أكثر نبلاً في مجتمعاتنا وهي غير بعيدة عن إدارة الأعمال والربح المشروع وتحقيق النجاح على مستويات اجتماعية وإنسانية، وقد أظهرت دراسة إدارة الأعمال العالمية «آي بي إم» لمعرفة المعايير الهامة للنجاح أن التسويق الذاتي يستحوذ على نسبة 30 في المئة من قائمة المعايير المهمة لتحقيق النجاح وهو يعتمد بالدرجة الأولى على معرفة نقاط القوة واستثمارها وتقديمها من خلال عناصر لغة الجسد والصوت والمحتوى مع مراعاة عناصر أخرى كالسرعة والبساطة والتفاعل مع المتابعين الذين يمثلون الجزء الأهم من عملية التقييم التي تحدد نجاحنا أو فشلنا بحسب معايير السوق الافتراضية.
[email protected]