2018-08-24
أضحى الإرهاب ظاهرة تتجاوز التعصب الديني في الوقت الراهن، فهي جسر العبور للعصابات وخريجي السجون والسفاحين، ليأتي جيل آخر هدفه الانتقام من الآخر، أو من أجل الجريمة والعوز والحاجة، لتتقوى هذه المجموعات بحثالة القوم باستمرار نظراً لعامل العنف والتمرد، وهدم منظومة الدولة المدنيَّة.
لا شك في أن هناك ظروفاً تؤهل للمجرمين والظلاميين مناخاً خصباً ليجعلوا من العنف وترهيب الآخرين مسوغاً ومبرراً لجوانب مظلمة ودمويَّة في أعماقهم. والسؤال هنا: كيف يُعاد بناء هذه الكيانات السرطانيَّة؟ وما سر ديمومة استمرارها وشيطنتها في زمن قياسي؟
إن طبيعة تحولاتها الداخليَّة قابلة لتطويع وتجنيد الشباب المؤهل واختطافه من خلال منح الإرهاب منهجاً فكريّاً، وشرعيَّة زائفة، أو تحت أي عناوين مختلفة تنطلي على المهووسين والجهلة والمنحرفين ورعاع القوم والمنبوذين في المجتمع، وكلما زادت أعداد هذه النوعيَّة من البشر في وطنٍ ما، زاد تسلل واختراق الإرهابين في بنية المجتمعات بوسائل عدة.
هناك ظاهرة تتجاوز التعصب أو الغلو أو العنف باسم الدين، ألا وهي نشر روح الكراهيَّة أياً كان نوعها أو مصدرها، وتدبير أعمال العنف للعنف ذاته، أو من أجل الجريمة المنظمة، أو الخيانة للوطن أيّاً كان هدفها؛ لأن هناك ذريعة يتفق عليها المجرمون، هي الشر لأجل الشر.
والدليل هو هيئة البعض من الموقوفين والهاربين من العدالة، والدليل تاريخهم وسمتهم بأنهم أهل سوابق ومنحرفون ليجري تسويقهم بأنهم متشددون، ولا تمتُّ أشكالهم إلى المتطرفين، نحن في فترة اختلط فيها الحابل بالنابل، وهذا لا يعني تبرئة المتشددين من أعمالهم الشنيعة والبشعة، فالتطرُّف بحدِّ ذاته مادة تصنع العنف والموت.
الإرهاب له قطبان يدور في فلكهما، أولهما «المتطرف» بحكم استمالته لهذا الفكر الجهادي، والآخر «إجرامي» سفاك يتقن إهدار الدم، يجمعهما هوى واحد هو استباحة كل إنسان مختلف عنهما، وتلصق به الألقاب بأنه إرهاب باسم الدين أو بغير اسم الدين، فالغرض واضح وهو الرغبة في صناعة الدمار والخراب وخلق الفوضى، فيصبح إرهابهم وتطرفهم وجهين لإجرام واحد.
من يشاهد هذه المجازر البشعة، والقتل بشراسته ومن دون هوادة، يؤكد أن العدائيَّة والعدوانيَّة ذريعة للمنحرفين والمعربدين، هناك نوعيَّة من البشر المختلين ممن يرفضون السلام جوهراً لحياتهم، أو التسامح والتعايش أسلوباً لمعيشتهم مع غيرهم من الناس، وأدوارهم لا يستهان بها في بعض مخططات التقسيم الجارية.
[email protected]