2018-08-20
العيد أن تأخذ نفسك وتخرج من كل ما يمكنه أن يميل بروحك عن فرحتها المؤقتة، العيد أن تلبس ما لا يذكرك بماضٍ قريبٍ أسود، أن تقفز كعصفورٍ من بوابة القفص إلى رحابة الأغصان وسمائها، العيد أن تحضن كل أحبابك، ليوقنوا بأن قلبك لم يزل يحملهم حناناً ومعزةً، العيد أن لا تقول ما يؤذي أحداً، أن لا يكون كلامك محفوفاً إلا بابتساماتٍ عميقة، وضحكاتٍ صادقة، العيد أن ترقص مع الجميع، أن تغني وتعلّي الغناء وتطيله، العيد أن تعود لبشريتك السامية الأولى، تلك التي بدأت الحياة بالسلام وعاشت من أجله وفي كنفه.
امنح الصغار ما يسعدهم ويؤثر في سائر أيامهم، من مالك أو كلماتك، امنح البعيدين عنك كلماتك كذلك إن استطعت، امنح الذين لا يشبه حالهم حالك، وتشعر بالشفقة عليهم من حياتهم غير المنصفة، امنحهم دعاءك الصادق، وما تستطيع أن توصله إليهم كي تهدي إليهم فرحةً جيدة، ولتكن هذه عيدياتك للجميع.
العيد، عيدك، هذا الذي لا يأتي كثيراً، وإن أتى لا يأتي قليلاً، ولا عابراً، عيدك أنت، الجزء الجميل من الحياة، الذي يجعلك تلتفت لروحك أكثر، أن يخفف عليك وطأة طينك، عيدك أنت، تملكه، تشكل ضياءه كيفما تريد وتشتهي، فأحسن إليه كما أحسن الله إليك.
أيامٌ معدودات، أفراحٌ معدودة، قد يحالفك الحظ فيمتد بعد انتهائها أكثر، وقد يحالفك قلبك فيصنع منه ذكرى تمدّ فرحك بعده بأيام، أيام معدودات، لحظات مقتطفة من الجنة، تريك شيئاً منها، وتذيقك كذلك شيئاً من ثمارها وأنهارها، فادخلها آمناً، وعشها هانئاً، واحمل معك في طرقها كل ما تستطيع من النعيم، كي تتزود منه بعد أن تعاود الخروج، وتغلق خلفك الأبواب، إلى موعدٍ آخر.
فقط أقول: كل عامٍ وأنتم في أعيادٍ لا تنتهي ترفلون في نعيمها، وتلتقون تحت سدرتها، آمنين، آمين.
[email protected]
نجاة الظاهري