الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

هل يجوز أن نحلم ؟!

هل يجوز أن نحلم؟! سؤال استنكاري عام يسأله من مُنع حتى من الحلم، سؤال يتكرر في مراحل زمنية مختلفة، باختلاف الأزمان واختلاف مراحل العمر، فعندما تكون صغيراً يقف في طريق أحلامك والداك، ثم تدخل المدرسة فيكون المعلم وطاقم التعليم هم من يحدّون أحلامك، ثم تكبر فتكون الجامعة هي المانعة، إلى أن تواجه الجميع من أجل أحلامك التي لا تنتهي. الحُلْمُ : ما يراه النائم في نومه، والجمع: أحْلامٌ، حَلمَ حُلْماً، وحُلُماً أي رأى في نومه رُؤيا، حَلَمَ به وعنه: رأى له رؤيا، حَلَمَ الشيءَ وبه رآه في نومه - معجم الوسيط. وفي ذلك التفسير اللغوي نجد أن الإنسان لا يحلم لنفسه، بل يحلم أيضاً لغيره أو يحلم عن غيره، فيحلم أملاً في شيء، ويحلم خوفاً من شيء، و يحلم درءاً لشيء. كلها حالات تنبئ عن ضعف وخوف وحاجة إنسانية عظيمة، تحدها الحدود وتمنعها الظروف القاهرة. وقد اهتم العرب المسلمون بالأحلام وتفسيرها، وأصبح ذلك علماً بحد ذاته عند بعض المفسرين مثل محمد بن سيرين، كما اهتم به مفكرون مثل محيي الدين بن عربي في كتابيه «الفصوص» و«الفتوحات المكية»، و«ابن خلدون»، وقد سعى ابن عربي وابن خلدون إلى تفسير الأحلام وتحليلها وتقسيم أنواعها ومعرفة أسبابها ومصادرها، بينما لم يبدأ اهتمام علماء الغرب بدراسة الأحلام إلا حديثاً. في أوروبا، فرويد هو أول من وضع الأسس العلمية لتفسير الأحلام في كتابه الشهير تفسير الأحلام عام 1899، حيث أورد فيه أن الأحلام تنتج عن الصراع النفسي بين الرغبات اللاشعورية المكبوتة، والمقاومة النفسية التي تسعى لكبت هذه الرغبات اللاشعورية، وبالتالي فإن الحلم عبارة عن حل وسط أو محاولة للتوفيق بين هذه الرغبات المتصارعة، ويلعب الحلم عند فرويد وظيفة «حراسة النوم»، وصد أي شيء يؤدي إلى إقلاق النائم وإيقاظه، فإذا أحس النائم بالعطش، مثلاً، فإنه يرى في منامه أنه يشرب الماء، وبهذا يستمر نائماً ولا يضطر للاستيقاظ لشرب الماء، ولقد وضع فرويد مجموعة من الرموز يستعان بها لفهم الحلم وتفسيره. نحن نحلم بشخص فلا نتمكن من لقائه بسبب الحواجز، نحلم بعمل فلا نستطيع عمله، نحلم ببلد فلا نستطيع زيارته، نحلم بفكرة فلا نستطيع تحقيقها، نحلم ونحلم ونحلم … وتبقى الأحلام أحلاماً لأن الواقع نقيض لها، بل إن الوقع بما يحمله من قوانين وضعية، وأعراف وعادات وتقاليد، فيه ما يحبط كل حلم ويقتل كل فكرة. ففي هذه الأيام تواجهنا كثير من الحواجز والمحاذير التي تحد من أحلامنا، سواء أحلام العمر والطموحات التي يرغب الإنسان في تحقيقها، أو أحلام النوم التي كنّا نستمتع فيما مضى بتجرّعها لتخفيف آلام الواقع المرير. فهل يجوز أن نحلم ؟! [email protected]