2018-08-14
لا تشترط المواقف حين تحتدم بين طرفين مواصفات بعينها لأطرافها. لكننا نميل في وصف تلك المواقف لاختيار الجانب الخيّر ووضع اللوم على من يقابلنا هناك. فنقرر أن المتقابلين أعداء فقط. لكن ماذا إن وقف أحد الأصدقاء المقربين طرفاً في موقف كهذا، وسدد صوبنا بسلاح شاءت الصدف أن يحمله معه وكانت ضربته موجعة؟ فهل يظل السيناريو الأصلي كما هو، بحيث لا يتقابل في المواقف الحادة سوى الأعداء؟ وماذا إن كان من يقف على الطرف المقابل فرد من العائلة أتظل القاعدة كما هي عليه؟
العلاقة التي تربط بين الضربة الموجعة وبين صاحبها بالنسبة لميزاننا الشخصي علاقة طردية بحتة. بمعنى أنه كلما عظُمتْ مكانة ذلك الشخص بأعيننا، كلما كان أثر ضربته أعمق في ذاكرة العلاقة. ومع ذلك من المفترض أن تظل صفة الصديق ملازمة له قبل وأثناء وبعد الموقف الحاد. لذلك لا يعنينا أن نروي المشهد على أن من يقف في الجهة المقابلة عدو وحسب.
وفي الوقت الذي تؤثر به ضربات الأعداء على السطح الخارجي للوعي وللذاكرة الخاص بنا، يمتد أثر ضربات الأصدقاء للتكوين البشري الذي نحن عليه. لذلك وإن تجاوزنا المواجهة، ومر من الوقت ما يلزم لنعاود التعامل مع ذلك الصديق بالأسلوب الذي تحفظه له مكانته الخاصة لدينا، فإننا لا نعود كما كنا كسابق عهدنا.
فلحظة يقين بسوء نية الصديق المقابل لنا في الموقف الحاد سامة بما يكفي لتجعلنا ننسى في الحال الكثير الكثير من المواقف واللحظات الصادقة والحقيقية التي عشناها معه. هنا يفترض بنا الاكتفاء بمنح صفة «الطرفية» لمن يقابلنا في موقف محتدم. وبذلك ينطلق حكمنا وتقديرنا لأثر الضربة الموجعة من قاعدة واحدة عامة. ومن ثم نقلل من العمق الذي قد تصل إليه تلك الضربة غير المناسبة في الوقت والمكان المناسبين تماماً. فينصب تركيزنا على الأثر السطحي لما وُجه إلينا وتخطي آثاره.
يقول جيم مورفي: «يلزمنا جميعاً الوقت الكافي لأن نكون متوافقين مع كوننا على ما يرام. لأنه أحياناً قد يكون الشعور بأننا على ما يرام بعد الشعور بالسوء لفترة طويلة، أصعب أمر يمكن الاعتياد عليه».
[email protected]