2018-08-08
استمرار اشتعال جبهات الاقتتال في عدد من دول المنطقة ابتداءً من سوريا مروراً بالعراق إلى اليمن إلى ليبيا لم يمنع بروز الأزمة الإيرانية الجدية، والتي ظهرت شرارتها الأولى مع الاحتجاجات الشعبية التي تتوسع يوماً بعد يوم مثل دائرة النار في الهشيم، أزمة تعيشها إيران لم تشهد لها مثيلاً منذ قيام ما يسمى بـ «الثورة الإسلامية» قبل أكثر من أربعة عقود، تنذر بويلات واهتزاز لعرش المتسلطين على الشعب الإيراني، الناهبين لثرواته، المغتصبين لحقوقه بحجة إرساء وتصدير مبادئ الثورة وقيمها الزائفة والمصطنعة.
إن أخطر وأقوى ما يميز انتفاضة الشعب الإيراني في وجه سلطة الملالي أن هذا الشعب أفاق من كبوة وغيبوبة استمرت عقوداً، مفادها أن كل هذا الزيف والخداع وعباءات التقوى التي لبستها السلطة كل هذا الوقت كانت أكذوبة كبرى، ولا شك أن هذا السخط الشعبي قد تبدى بشكل واضح من خلال مهاجمة الحوزات الدينية، وإطلاق شعارات صادمة، كانت قبل هذا الوقت مسوغاً للحكم على مطلقيها بالإعدام، ونالت من أعلى رموز الدولة الدينية، وأسقطت الأقنعة وكشفت الوجه القبيح المختبئ وراء البراءة والسماحة والتقى والورع، وعرف الشعب الإيراني أنه لن يسمح باستمرار مسلسل الاستلاب، والخديعة، وأنه إن لم يتحرك بشكل سريع وفعال لإسقاط هذه الطغمة الحاكمة الفاسدة، فإن إيران بتاريخها وإرثها الحضاري وشعبها وخيراتها تسير على طريق التدمير الذاتي لوجودها وثقافتها وماضيها وحاضرها ومستقبل أجيالها.
التخبط الذي يتعاطى بموجبه قادة إيران مع انتفاضة الشعب الإيراني، والمواقف المتناقضة والمهزوزة سواء للرئيس روحاني أو للمرجعية الدينية العليا، يؤكدان رعب السلطة من هذا النبض الشعبي، وأن هذا الحراك يختلف تماماً عما حصل خلال حراك عام 2009 الذي تلا مرحلة إعادة انتخاب أحمدي نجاد، لأنها انتفاضة جامعة، ثورة على التخلف، ثورة على الفكر الشيطاني، ثورة على الفقر، ثورة على امتصاص خيرات إيران وتبذيرها في حروب خارج حدودها دعماً للإرهاب، وزعزعة لاستقرار الجيران، ونسفاً للسلم العالمي.
انتفاضة إيران ربما تكون بوابة الخلاص من غيلان الشر في المنطقة.
[email protected]