الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

الظواهر الاجتماعية المعتلّة

عرّف عالم الاجتماع الأمريكي «جيمي أبرب» الظاهرة الاجتماعية بأنّها «أي موضوع يتعلق بطبيعة العلاقات أو بطبيعة القيم الاجتماعية في المجتمع، فما يميز الظاهرة الاجتماعية أنّها تشتمل على سلوكيات الأفراد التي من شأنها أن تؤثر في الأفراد آخرين». أما عالم الاجتماع الشهير «أميل دوركايم»، فقد توصل إلى وجود نوعين أساسيين من الظواهر الإجتماعية، ظواهر سليمة والتي ترتبط بالشروط الاجتماعية والقيمية الحقيقية للمجتمع، أمّا النوع الثاني فهو الظواهر الاجتماعية المعتلة والتي يكون انتشارها واستمرارها بالمجتمع بحكم العادة العمياء أو التقليد الأعمى. تعدّ الظاهرة الاجتماعية ظاهرة مكتسبة، تنتج بسبب تأثير شخص أو جماعة على شخص آخر، وبحسب تفنيد علماء الاجتماع، فإن الظاهرة الاجتماعية تصبح في حال كانت سلبياتها أكثر من إيجابياتها وملموسة بشكل واضح فتصبح مشكلة اجتماعية ظرفية تهدد القيم الاجتماعية. عند ظهور أي ظاهرة سلبية في المجتمع، نعوّل دائماً على المنظومة الأخلاقية والقيمية والفكرية التي يتكأ عليها المجتمع، خصوصاً القيم السائدة في الأسرة، بطبيعة الحال، وكمجتمع مثل المجتمع الإماراتي، مجتمع استطاع أن يتعاطى مع الحضارة بشكل إيجابي دون أن يجحد بموروثه القيمي الاجتماعي، واستطاع إلى حد كبير أن يزاوج بينهما دون التفريط بروح الأصالة الراسخة في مجتمعه. فكل ظاهرة سلبية طفت في مجتمعنا، تعد حالات فردية شاذة، تعبرعن فكرها ومنظومتها القيمية والسلوكية، ولا تعبّر ولا تعكس بأي حال من الأحوال صورة المجتمع، فظاهرة تصوير «السيلفي» والهوَس بها، أو رقصة «كيكي» وغيرها هي ظواهر فقاعية ظرفية تتلاشى سريعاً حالما يستجد ظرف آخر أو ظاهرة أخرى. في عصر الشهرة المجانية الافتراضية، نجد أن الذين انساقوا وراء تقليد ومحاكاة بعض الظواهر «المستوردة» كانوا من بعض المستهترين؛ فطبقوّها بكل مخالفاتها وسخفها، وبجهل وحمق لا يُحسدون عليه لأجل لفت الانتباه وكسب شهرة ما! كنا، وما زلنا، نؤكد على وعي مجتمعنا في مسألة التصدي لكل ظاهرة سلبية أو سلوك غير لائق قد يفقد الفرد بسببه حياته أو سمعته واحترام الآخرين له، وحينما نؤكد ضرورة الارتقاء في أدائنا وسلوكياتنا عبر منصات التواصل الاجتماعي أو خارجها، فإننا نعكس سمو ورقي منظومتنا الأخلاقية الاجتماعية وتماسكها، لطالما التمثل بتلك السلوكيات الدخيلة لا يرفع شأناً ولا يُنال به شرف! [email protected]