2018-07-27
لا شك في أن الزيارة التاريخيَّة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ لدولة الإمارات تضيف فصلاً جديداً مهمّاً في سجل تطوُّر الروابط التاريخيَّة بين البلدين؛ لكونها علاقة متميزة ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وهذا احتفاء بالعلاقات الاستراتيجيَّة بين الدولتين؛ لما تمثله الدولتان من ثقل سياسي واستقرار اقتصادي أسهم في تحقيق طموحات الشعبين، وتعزيز فرص التكامل الصيني الإماراتي على المديين القريب والبعيد.
في ضوء توافق الرؤى، فقد نالت الإمارات هذه الثقة من الرئيس الصيني وشعبه، لتكون محطته الأولى للخليج، وهذا الاستحقاق لم يأتِ اعتباطاً، فهناك مجموعة من المعطيات تحمل دلالات دبلوماسيَّة وسياسيَّة ذات مغزى خاصٍّ، إذ إن الإمارات بقوتها الناعمة رسخت من صورتها الإيجابيَّة داخليّاً، وعززت من سمعتها الخارجيَّة، وما زالت حتى اللحظة مساهماً أصيلاً في عمليات السلام، وفي ترسيخ الاستقرار المجتمعي، والتسامح الإنساني، وإيجاد حلول سياسيَّة للأزمات، ودعم الشرعيَّة، وحلِّ النزاعات والخلافات، وبناء الزخم الضروري للإمداد الإنساني في العالم، من أجل إحداث التغيير المطلوب والتنمية الذي تتوق لها الشعوب.
كما أن من العناصر المهمة التي أكدت موقع الإمارات كقوة مؤثرة، تلك المخرجات المهمة لجهود حكومة الإمارات، حينما بدأت في تعزيز مبادئ المصداقيَّة والنزاهة ومحاربة الفساد، ما سهَّل مهمتها من أجل تأسيس أكبر منظومة عمل وطنيَّة مستدامة..
والحقيقة الأخرى أن هناك رؤى تنمويَّة متقاربة، واتساقاً في الأهداف الرامية إلى تحقيق الريادة في صنع المستقبل، حينما تصدرت الإمارات والصين بنسب متقاربة قائمة البلدان الأكثر استقراراً في الثقة، وأظهرت نتائج مؤشر إيدلمان للثقة في الأعوام السابقة مدى نجاح جهود الحكومة في رفع معايير ومؤشرات التنافسيَّة، مثل كفاءة الأعمال، وتعزيز الإنتاجيَّة، والأداء الاقتصادي المتميز، ومدى مواكبة التشريعات الاقتصاديَّة لاحتياجات العصر، فلا عجب أن تصبح الإمارات والصين من أسرع اقتصادات العالم نموّاً واستقراراً.
ولقد أصبحت الإمارات أول دولة خليجيَّة تحصد لقب الشريك الأكبر حظاً للصين في المنطقة دون منازع، وهو نتاج لنقلة نوعيَّة من التعاون المشترك على مدى أكثر من ثلاثة عقود، حصدنا من خلاله الكثير من الإنجازات غير المتوقعة، لتصل إلى مرحلة شراكة استراتيجيَّة، ولعل ما يؤكد تلك الشواهد أن احتضنت الإمارات أكثر من مئتي ألف صيني، وتضم أربعة آلاف شركة تجاريَّة، فالإمارات لها قصب السبق في تدريس اللغة الصينيَّة في مئة مدرسة، فكان ذلك يمثل دفعة قويَّة في مسار العلاقات، وتأسيساً لمرحلة جديدة من الروابط الوثيقة التي تجمع بين البلدين.
تمثل الصين مخزوناً من الخبرات التنمويَّة ذات طابع استثنائي وملهم، ويعدُّ الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فقد زادت سرعة نمو الاقتصاد الصيني الطلب على الطاقة بشكل كبير، فالصين ثاني أكبر مستهلك للمنتجات النفطيَّة في العالم بعد أمريكا، والنفط عصب الحياة في الإمارات، الأمر الذي يعزز النمو، أما متغيرات النفط والتوازنات الإقليميَّة فهي مما يضاعف الفرص الاستثماريَّة والتجاريَّة والطاقة بين البلدين، ليضاهوا مستقبلاً أفضل الاقتصادات العالميَّة.