2018-07-20
دعوة دولة الإمارات في الأمم المتحدة إلى إنشاء تحالفات استراتيجيَّة دوليَّة تهدف إلى تعزيز مكافحة الخطاب الإرهابي حول العالم، وذلك من أجل مواجهة التحديات الدوليَّة المعقدة والخطيرة، فإن أي استراتيجيَّة ناجحة لهزيمة الإرهاب ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار التنسيق والتعاون الدولي الفاعل مع كل الجهات المتناظرة، لتطوير شراكة عالميَّة وثيقة لمقارعة الإرهاب، فهذه التحالفات ستكون جهدًا دوليًّا منظمًا سيحقق تفاعلًا مشتركًا يخلق هاجسًا عالميًّا ضد محاولات الإبادة أو الإقصاء أو القهر أو الهيمنة الكاذبة؟!!
ومنذ مرحلة مبكرة اتخذت دولة الإمارات العربيَّة المتّحدة كل التدابير الممكنة لتتلافى الإرهاب وتبعاته المؤذية، بل المهلكة، فلم تتساهل أو تتجاهل مكامن ونزعات التطرف والغلو مهما كان مصدرها، حيث تم تجفيف المنابع الفكريَّة والثقافيَّة التي تغذي التطرف، وتحرض على الكراهيَّة، ومكافحة التطرف بكل أشكاله وبدون انتقائيَّة، وتم ضبط الخطاب الدعوي، وترسيخ كل القيم التي تبني جدارًا ثقافيًّا قويًّا، وأصبحت محاربة الإرهاب سهلًا أيًّا كان نوعه لأننا تحركنا للقضاء عليه وهو في مهده، وقد تحققت نجاحات كبرى في تقويض الإرهاب وروافده من عرض ومرض ومحاربته على كل المستويات الوطنيَّة.
وهذه المناشدة من الإمارات تهدف بالأساس إلى المحافظة على سمعة ومكانة رسالة الإسلام أولا وأخيرًا، ويكفي ما لحق بالأسلام من ظلم وتطاول على أهدافه القيمة، ويكفي عندما يهدر أو يسيل دمٌ أو ما يصاحبه من القتل الجماعي المقنن وبطريقة وحشية تكون تحت وقع صيحات التكبير باسم الله الذي كتب على نفسه الرحمة قبل العذاب..الإسلام منهم براء!
لو كنا نحيا في عصر الإرهاب الفكري وسط أوروبا، كنا سندرك مدى التنوير والانفتاح في الفكر الإسلامي، وتعسُّف الكنائس وجورها ضد الآخر، وضيق أفقها ما أرهب المنطق والفكر والرأي الحر، وتقليص منهج البحث العلمي والفلسفة.. حينئذ سيمتاز الوهم والزيف عن الحق والحقيقة؟!
الحرب لم تضع أوزارها، فإن امتدادات الإرهاب و«ذئابه المنفردة» ما زالت ناشطة، ظهرت بعد سلسلة من الهجمات الإرهابيَّة في عدد من المدن العربيَّة والأوروبيَّة، والتعاطي العسكري والأمني لن يجعله يتبخر أو يتلاشى، وهو ما يعزز الحاجة إلى تأطير فكري يقاوم انتشار أفكاره المدمرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الاتصالات الحديثة.
فالإمارات تمضي قدمًا في تحقيق انتصاراتها ضد الإرهاب، إيمانًا منها بأن هذا الفكر المتشدد يحمل عوامل انحداره وانهياره داخل أدبياته وضمن منظومته؛ لأنه أخفق في فهم الدين الصحيح، وألغى القيم العليا، وأنكر حقائق التاريخ، وجمَّد العقول على ظواهر النصوص، ولم يستوعبوا من الدين غاياته ومقاصده.
[email protected]