2018-07-11
نشرت منظمة الصحة العالمية في يونيو الماضي تعديلاً على التصنيف الدولي للأمراض يتضمن تصنيفاً لنوع جديد من الإدمان، وثارت ضجة حول هذا التصنيف من الخبراء وغير الخبراء لأنهم يرونه قاصراً وغير منطقي، التصنيف الجديد متعلق بإدمان ألعاب الفيديو، ولدي مشكلة مع ذلك.
كثيرون ليس لديهم مشكلة مع حقيقة أن هناك من يدمن ألعاب الفيديو، لكن تخصيص ألعاب الفيديو كنوع جديد من الإدمان يرونه أمراً غير منطقي، هذا سلوك إدماني له نمط يتكرر في أنواع أخرى من الإدمان، نحن نعيش الآن مع أجهزة إلكترونية مختلفة وقد يدمن أحدنا التلفاز أو الهاتف أو الحاسوب وليس من المنطقي أن يكون لكل جهاز إدمان يحتاج لتعريف خاص به، من ناحية آخرى لماذا ألعاب الفيديو بالتحديد؟ لا يمكن إنكار أن هناك من يدمن الهاتف والتلفاز كذلك وهذا سلوك إدماني لا يختلف عن إدمان ألعاب الفيديو إلا في نوع الجهاز المتسبب في الإدمان.
منذ أن ظهرت ألعاب الفيديو وانتشرت بين الناس في الثمانينات وهناك دراسات ومقالات حولها وحول آثارها، مثلاً هناك ألعاب فيديو كثيرة تقدم العنف كوسيلة تسلية وهذا العنف يزداد مع تقدم تقنيات الأجهزة حتى أصبحت صور هذه الألعاب تبدو حقيقية، ومن الطبيعي أن يلوم البعض عنف ألعاب الفيديو كسبب أساسي لانتشار العنف أو كسبب للجرائم، لكن هذا كلام غير مدعوم بدراسات والدراسات حول الموضوع متضاربة، مما قرأته وجدت أن الخلاصة بأن العنف في ألعاب الفيديو لا يؤثر على الناس سلباً إلا من لديه استعداد مسبق للتأثر سلباً وهذا أمر نادر، بل هناك دراسات تقول بأن العنف في ألعاب الفيديو له أثر إيجابي.
يفترض كذلك أن نسأل هل ألعاب الفيديو هي المشكلة أم أن هناك مشاكل أخرى يعاني منها المدمن ويجد مهربه في ألعاب الفيديو؟ أو في الهاتف أو التلفاز؟ سبق أن كتبت عن الإدمان وأنه مشكلة اجتماعية في الأساس وأن الإدمان سلوك يمارسه البعض كمهرب من الواقع، وهذا السلوك له نمط يتكرر بغض النظر عن مصدر الإدمان، لذلك يفترض أن يكون هناك تعريف واحد شامل للإدمان مع ذكر أن هناك أنواعاً كثيرة له بدلاً من تحديد ألعاب الفيديو كنوع خاص من الإدمان.
أكرر هنا أنني وغيري لا ننكر أن هناك من يدمن ألعاب الفيديو، لكن تعريفاً من منظمة الصحة العالمية سيكون له أثر في سياسات الحكومات حول العالم ويفترض أن يكتب بعناية وبدقة أكبر، الإدمان أساسه واحد وأنواعه مختلفة.
[email protected]