2018-07-10
جعل الله تعالى الأرض مهاداً؛ لنصل بسهولة لغاياتنا مهما ابتعدت، وسخّر العقول لتبتكر وسائل ما كان الإنسان ليستطيع أن يدركها، فكانت نعمة السيارة الوسيلة الأولى التي تخدم البشر مهما كان نوعها وشكلها ولونها، فهي تختصر المسافات الشاسعة .. ولنا في السيارات مآرب أخرى ولكن.. إن للأمان أشكالًا عدة؛ فهناك الأمان الروحي، والاجتماعي، والجسدي، والاقتصادي، والأمان النفسي أيضاً، فهو متطلب هام مع ضغوط الحياة وازدحامها، ولعل ازدحام الطرق أكثرها تأثيراً في النفس، ومع محاولات المسؤولين والهيئات حل هذه المعضلة؛ فهنالك مشكلات لا دخل لها في ضيق الطرق وازدحامها؛ بل في ضيق العقول واضطرابها.
وهناك أشكال تحيل إلى اللا أمان حيث يوجد الأمن والأمان، وهذان المتناقضان ضدان لا يجتمعان إلا عندما تنحرف بعض العقول وتمرض النفوس، ونعلم أن العيون الساهرة لها بالمرصاد، ولكن تأثيرها بات يشكل هوساً يستشرف ظاهرة، وهذه صور منها: فمثلاً لما تكاد تقف السيارات متسلسلة في الطرق السريعة، ويأتي ضيّق العقل من خلفنا فيسلط الإضاءة الكاملة نحوك (فُل ديم)، ويحثّك على الطيران عبر قافلة السيارات؟!؛ ليضغط على نفسيات من حوله، مثيراً زوبعة، وأخلاقاً ليست من مجتمعنا الطيب!
وعند التزام بعض المركبات بالسرعة القانونية، يصرّ ضيّق العقل؛ متصعد النفس أن يزوم بسيارته ويزمجر بمحركها المُزوَّد يتحرك كثور الطاحونة؛ لتحدث حرباً نفسية لمن أمامه، وبلبلة لمن بجانبه، ثم يقوم بحركات بهلوانية لا تصلح شوارعنا أن تكون حلبة لها؛ فيخيط السيارات بطريقة همجية، تجرف الويلات عليه وعلى الأبرياء من حوله، فإن نجا منها فقد تكبر دِيّتُه.
ناهيكم عن سباقات التحدي في شوارع المدينة، فلها جروح ما زالت تنزف في قلوب من نحب، وللحديث شجون؛ فهل لدينا مادة تقاضي كل من يتعرض لعابر سبيل ملتزم بالقوانين في طرقنا الآمنة بالضغط النفسي في زحمة تكاد تَصَّعَّدُ النفوس منها ضجراً؟!!
[email protected]