2018-07-04
الهواتف الذكية تشوّش على الناس، مجرد وجودها أمامك يكفي لتشتيت انتباهك، وكثير من التطبيقات مصممة لتشد انتباهك دائماً، والتنبيهات صممت لتشعرك بأنك على اتصال دائم واطلاع متواصل بكل ما يحدث في الشبكات الاجتماعية التي تشارك فيها، وعندما تزداد هذه التنبيهات ستصبح عبئاً ذهنياً عليك حتى لو ظننت أنك تستطيع التعامل معها.
أصبح منظر الناس والهواتف لا تفارق أيديهم وأعينهم أمراً مألوفاً، والبعض يذهب لأبعد من ذلك لكي يصبح الهاتف آخر شيء يراه قبل النوم وأول شيء يلمسه بعد النوم، بعد كل هذا لا يمكن لأحد أن ينكر بأن هناك مشكلة في علاقة الناس بالهواتف، ولا يمكن لأي شخص أن ينكر بأن المشكلة سببها طرفان، الأول الناس والثاني الشركات المصنعة والمصممة للهواتف والتطبيقات.
لذلك لا بد من إعادة نظر في علاقتك مع الهاتف، وإليك ما يمكنك فعله: توقف عن استخدامه لمدة أسبوع، أو استبدله بهاتف غير ذكي إن كان يهمك أن تبقى على اتصال بآخرين، لأنني أهتم بهذا الموضوع فأنا أحاول البحث عن تجارب مماثلة للناس حول العالم، وقد قرأت ما يكفي منها وما زلت وهناك نوعان من الناس عندما يجربون التوقف عن استخدام الهاتف الذكي.
هناك من يرى التجربة جحيماً ويريد العودة بأسرع وقت، وبعضهم حتى لا يستطيع أن يكمل يومين بدون هاتف ذكي، هذا لا يختلف كثيراً عن المدمن الذي توقف عن إدمانه ثم تغلب إدمانه عليه، لأنه لا يستطيع التفكير بأي شيء آخر إلا مصدر إدمانه، من لديه علاقة مماثلة مع الهاتف الذكي يحتاج أكثر من غيره إلى أن يعيد النظر في علاقته بالهاتف، ويدرك أن هذا إدمان يؤثر عليه سلبياً.
نوع آخر من الناس يجدون راحة وسلاماً بترك الهاتف الذكي وتنتهي تجربتهم بإعادة تنظيم علاقتهم بالهاتف، وهؤلاء يكتشفون أن الهاتف الذكي مفيد عندما يخدمهم، ومصدر للتعب والهم عندما يطلب انتباههم أكثر مما ينبغي، هكذا يدركون أن تطبيقات الشبكات الاجتماعية خاصة غير ضرورية فيحذفونها ويتخلصون من تنبيهاتها، ثم يغلقون تنبيهات الهاتف كلياً.
يجدون فائدة في تطبيقات تخدمهم، مثل الخرائط، التقاط الصور، تطبيقات تنظيم الأعمال، تطبيقات الكتب النصية والمسموعة، كل هذه التطبيقات وغيرها صممت لتخدم المستخدم، لأنها لا تريد منه أن ينتبه لها طوال الوقت، بينما تطبيقات الشبكات الاجتماعية لا تخدم الفرد أو على الأقل ليس هذا هدفها الوحيد، بل هي تخدم الشركة المالكة للتطبيق أيضاً.
باحث في التنمية والفكر