2018-07-01
بحد ذاتها، العنصرية فكرة غبية، قائمة على الفخر بمكتسبات لم يكن للإنسان يدٌ فيها، ليس هناك من اختار لون بشرته، أو ديانته، أو طبقته الاجتماعية، وليس لنا بسهولة أن نقرر انتماءاتنا الجغرافية، وهذه تحديداً أكثر نواحي العنصرية خزياً.
ومع هذا، نجد البعض منا، نحن العرب، عنصريون حد التخمة، تقطر العنصرية من كل تصرفاتنا، نحيل ذوي البعض إلى مستويات دنيا فور أي اصطدام بهم، وننعت القادمين من بعض المناطق بالتخلف، ويختفي كل المنتج الإنساني للخليج خلف آبار البترول فقط، ولا نمتنع عن إسباغ صفات دونية على القادمين من الغرب، ونصف بالانحلال من يخالفوننا الدين، وبالجهل من يختلفون معنا في الملة، غافلين عن أننا وجدنا على هذا النحو مختلفين، وناسين، أو ربما نتناسى أننا لم نختر أبداً ظروفنا، ولم نقرر هوياتنا.
نحن عنصريون لا نجالس البسطاء، لأننا نتقزز منهم ولا نقرّ بذلك، ولا نتحدث مع قليلي المعرفة لأن جهلهم يصيبنا بالصداع، ويدعي البعض منا دعم ذوي الإعاقة لكنه في باطنه يشفق عليهم، ونحمد الله أننا لسنا كذلك.
وعنصريون لأننا ضد التصنيف، نخاف الإطارات، ونخشى أن تُسبغ علينا صفة ما، أو أن نلبس ثوباً يُلحق بنا ما لا نودّ سماعه، ونخشى الانتماء لأننا نهرب من الأثر الذي سنكتسبه، والبعض منا عنصريون لأنهم يدّعون الإنسانية في الخيال، والكلمات، لكنهم يحيون بذهنية السادة والعبيد، يسمّون عمال المنازل خدماً وشغّالات، ويضعون لهم طعاماً بمفردهم، ويعزلونهم كأنهم مرضى.
وعنصريون، لأننا نقف مع قلوبنا ضدّ كل غريب، وتأخذنا نزعاتنا باتجاه الهوى ضد الحق، وندّعي أننا محقون لأن نتحرك بالعاطفة، ونجد دائماً مبرراً لأخطائنا حين تخالف ما ندّعيه من عنصرية.
إعلامي وكاتب
[email protected]