2018-06-27
كان أخي يبحث عن منتج ما يقدم وظيفة واحدة، منتج جديد نسبياً وإن كانت فكرته قديمة، لم يجد ما يريده واقترحت عليه شراء المنتج من متجر إلكتروني وسيصل إليه ما يريد خلال أسبوعين أو ثلاثة على الأكثر، أخبرني بأنه يريد المنتج اليوم، اقترحت عليه متجراً إلكترونياً آخر قد يبيع ما يريده أخي والتوصيل سيكون في اليوم التالي.
قبل سنوات عدة كنت أرى التسوق الإلكتروني أمراً إيجابياً، الخيارات تزداد أمام المشتري ويمكنه التسوق في أي وقت وهو في المنزل، والآن باستخدام الهواتف الذكية يمكنه التسوق في أي وقت وأي مكان، بل هناك شركات تقدم خدمات توصيل سريعة، اشترِ ما تريد وسيصلك خلال ساعة أو ساعتين، وما زلت أرى أن كل هذا أمر إيجابي.
من ناحية أخرى ما أثر هذا في المدن؟ ما أثره في المتاجر والأسواق المحلية؟ لا يمكن أن نغض النظر عن الأثر السلبي الذي قد تتسبب به التجارة الإلكترونية، فمثلاً الشركات الكبيرة العالمية تستحوذ على مواقع محلية، وبذلك تدخل إلى السوق وتدخل كمنافس مباشر للكثير من الشركات المحلية وكتهديد للشركات والمتاجر الصغيرة، أياً كانت المحلات الصغيرة فهي لا تستطيع التنافس مع شركة بحجم مليارات الدولارات ولديها بنية تحتية تقنية ضخمة وعالمية.
والمؤسسات المحلية عليها الآن مواجهة منافسة عالمية، عندما لا يجد المرء ما يريده هنا فمن السهل شراؤه من أي مكان في العالم، وعندما تحاول مؤسسات محلية رفع الأسعار لحد غير معقول فلن يتردد المشتري في البحث عن أسعار أرخص وليس غريباً أن يجد الواحد منا ما يريده بسعر أرخص حتى مع وجود تكلفة شحن مرتفعة وضريبة محلية، فلِمَ يشتري أحدنا من الأسواق المحلية في حين أنه سيوفر على نفسه إن اشترى من الخارج؟
أما المدن فكيف سيكون شكلها عندما يفضل الناس الجلوس في منازلهم على الخروج إلى الأسوق؟ حدث في بلدان أخرى (مثل الولايات المتحدة) أن أغلقت مراكز تسوق أبوابها، وحتى متاجر ضخمة وأصبحت مباني فارغة، ما الذي يمنع من وصول هذه الظاهرة إلى هنا؟ وكيف سنتعامل معها عندما تحدث؟
ما زلت أنتظر تغير المدن لتصبح قابلة للمشي أكثر، هذا يعني التسوق بسهولة وقريباً من المنزل، وهذا يعني تواصلاً اجتماعياً أكبر، وبوجود المقاهي والحدائق والطرق المصممة للمشاة وراكبي الدراجات الهوائية ستكون المدينة صحية أكثر وتقدم ما لا يمكن لأي متجر إلكتروني تقديمه: حياة اجتماعية وتواصل إنساني مباشر.
باحث في التنمية والفكر
[email protected]