2018-06-27
يتكلّف بعض موظفي أي دائرة أو هيئة، بنثر عبارات التهاني المغلَّفة بالمظاهر الكاذبة، والمبطنة بالنوايا التي لا يعلمها سوى الله تعالى، في زوايا مكتب المدير بمناسبة المنصب الجديد، وكنا نرى تلك السيناريوهات في الأفلام العربية، والمسلسلات الاجتماعية، ونظن أنها مجرد قصص خيالية؛ ولكن بمرور الزمن، تبين لنا مدى ما تعكسه هذه الأفلام والمسلسلات من واقع غير مبالغ فيه بتاتاً.
وما يثير الضحك؛ أن هذا المدير ممن كان ينثر تلك العبارات الجميلة المنمقة، في نفس تلك الزوايا لمديره السابق، ويعرف جيداً هذه الأساليب؛ فيعيش ذلك الدور ويصاب بالعُجب، فيا للعجب! وهو لا يتعلم من الدرس، وكأن المنصب قد حَجب عنه الرؤية؛ فإذا نُحِّي عن هذا المنصب، كُشِف عن عينيه الغطاء، ورأى حينها ما لم يكن يراه بالأمس.
يأتي هذا المدير بعروض الإدارة الجديدة؛ فيكتسح التغيير أجواءهم، وتُخْفض رؤوس، وتعلو رؤوس أخرى، ولسان حاله كلسان الحجاج عند قوله: «إني لأرى رؤوساً قد أينعت، وحان قطافها».
ويسير برنامج العروض وفق تسديدات قديمة، وثأر بلا دم؛ فيصفِّي مواقف قديمة، جُمِّدت صلاحيات هذا المدير (الموظف القديم)، وذاك الصديق، فإذا اكتسح زلزال التغيير كل رؤساء الشعب والأقسام؛ جاءت موجة التسونامي مفاجئة؛ لتفتك بفلول الجنود النسخ الصغار في ملحمة درامية محزنة ومبكية؛ فكل حجاج يخلفه حجاج آخر.
الغريب أن من يدخل هذه اللعبة، لا يخرج منها خاسراً، هي معادلة السياسة المالية؛ وهي حكمة وظيفية مفادها اجتهد قليلاً وارتغد كثيراً؛ فإذا نال مراده بعد شقاء ورياء، خفض من همته، وقلّ نشاطه؛ فلماذا يُتعب نفسه، ما دام قد حصل على امتيازاته والدرجة التي يحلم بها.
يتلون عالم الإدارات، بمزاج المدير الجديد، وبتغير طقم الأصدقاء الجدد؛ فلماذا لا يبقى الحال على ما هو عليه، ما دام أن الإدارة السابقة منتجة؟
معلمة سابقة ومدربة معتمدة
[email protected]