2018-06-23
في ذاكرة كل منا نحن أجيال السبعينات والثمانيات وحتى أوائل التسعينات رحلات لاننساها لبيوت قديمة يكسوها طوب أو سعف نخيل .. وبين جدرانها أم مبرقعة تفترش الأرض وأمامها طفل تهزه في مهد خشبي، ورجال يشدون الإزار و يرمون بشباك صيدهم وسط أهازيج يرددونها وصوت أمواج البحر العاتية .. هي مشاهد جسدتها المتاحف التي اعتدنا زيارتها رفقة المدرسة أو الأهل خلال العطل ومناسبات الأعياد وغيرها .. فكانت في أعيننا أرض العجائب التي لا نريد أن نخرج منها .. لكن ماذا عن ذاكرة أطفال اليوم؟
وعندما نزور أي بلد لربما أول ما يشدنا هو تاريخه وحضارته وكيف تكوّن وتطور حتى وصل إلى ما هو عليه، لذلك نخصص جزءاً كبيراً من رحلتنا لنعرج على المتاحف والمزارات والمعالم التاريخية والأثرية، سواء عبر دليل يقودنا أو مجموعة سياحية منظمة.. أو ليست بلادنا التي أنشئت المتاحف بسخاء وأثرتها بكنوز مادية ومعرفية تاريخية نادرة أحق بأن تفخر بروادها من السكان المقيمين قبل السواح؟
في كل مناسبة وإجازة تكاد تكون المتاحف هي الأقل حظاً من حيث الإقبال الجماهيري وأعداد الزوار، وهو ليس بالأمر الخفي برغم تنوعها والمعالم التاريخية والأثرية في دولتنا كما ونوعاً، ولربما مع توافر إحصاءات دقيقة حول نصيب تلك الوجهات من الزيارات الداخلية يبدو الأمر أكثر وضوحاً وأهمية، خصوصاً على صعيد السكان المقيمين لكون أن تلك الأماكن تسجل حضوراً يكاد يقتصر على الطلبة الأكاديميين والباحثين والمختصين.
هجرة المتاحف معضلة تحتاج إلى إيجاد خطط أكثر استدامة وابتكاراً لجذب الزوار من مختلف الشرائح كتشجيع المدارس على تنظيم رحلات دائمة وإقامة أنشطة ثقافية جاذبة وورش صيفية تشجع الصغار على فهم قيم التراث المادي واللامادي بأشكاله المختلفة.
ولا يخفى أيضاً دور هيئات المتاحف والآثار في إيجاد قنوات فعالة تروج لتلك المعالم بشكل يتناسب والألفية الجديدة ونمط حياة الأجيال الحالية، فالمتاحف بأشكالها المتعددة تشكل واجهة لتاريخ البلاد وحضارتها وتجسيداً حياً لأزمنة يتشرب منها الزائر، طفلاً كان أم رجلاً، قصص تكوّن البشرية وتشكل الحياة وبطولات من سبقونا.
ولا يمنع أن تنظم فعاليات تشجع الجمهور على دخول المتاحف، والتي في حقيقة الأمر تكلفة بطاقة العبور إليها رمزية جداً لا تتجاوز خمسة دراهم في بعضها مقارنة بمدن ومراكز ترفيهية سياحية أخرى، كتظاهرة «ليلة المتاحف» العالمية التي تسمح بدخول كل الأطياف إلى المتاحف الوطنية لتخرجها من عزلتها ولتكون فضاء يسبح فيه المتعطشون للتاريخ والثقافة.
إعلامية
[email protected]