الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

الاختبار ارتقاء .. والامتحان ترهيب

إذا سألت طالباً صبح هذه الأيام أين ستذهب؟ فسيرد عليك سأذهب لأمتحن؛ الله يبعد عنكم البلاء والمحن؛ فهل كلمة امتحان تستخدم في موقعها الصحيح في هذا السياق؟ ولم لا نستعمل لفظة اختبار بدلاً عنها؟ فالاختبار في مقاعد الدراسة ليس لعبة ولكنه أشبه بتقييم مدى قدرتك على اجتياز (كمّ) الاستعدادات والقدرات المعرفية المكتسبة خلال السنة، وليس المطلوب الإلمام الشامل بالمنهج من الغلاف إلى الغلاف، وكثيراً ما كنا نلعب لعبة اختبر معلوماتك مع الأصحاب والأهل، فكنا لا نهاب أن نخسر، لأنها مجرد لعبة ونتحدى ونتعلم ونكتسب أخلاقاً بالتعامل والحوار مع الآخرين، والأهم في ذلك أنك لا تخرج صفراً أبداً، وهذا المطلوب من عملية التقويم. الاختبار مقياس لمدى استعداد الفرد علمياً أو ثقافياً أو اقتصادياً وغيرها؛ لكي يجتاز مرحلته الحالية إلى مرحلة أعلى، ويعد اجتياز الاختبار من تكوين الذات ودعمها لترقية القدرات والكفاءات العلمية وتطويرها مرحلياً للفرد؛ ولكن للأسف فنحن نلفظها ونفهمها ونعبر عن معناها بالخطأ، الأغلب يقول بدل اختبار امتحان والكلمتان غير متكافئتين في المعنى، فالامتحان من المحنة أي المصيبة والمشكلة، وعلى الرغم من هذا يستعملها الكبار من أولياء الأمور، والمعلمين والمسؤولين العارفين تجاوزاً بمعنى الاختبار؛ فأنت من حيث لا تعلم تتمنى لنفسك أو ابنك المحنة والمصيبة؛ فلم هذه التداخلات اللهجية واللفظية؟ عندما يُكسب الطالب القوة الكامنة التي تقابل نواتج التعلم المسجلة في وثيقة المناهج بمرحلته الدراسية؛ يعمل الاختبار على قياس مدى قدرته على التطبيق لتحقيق تلك المؤشرات، وليس الولوج في المصائب والمحن، فنحن من نزرع في قلوب أبنائنا الاطمئنان أو الرهبة في حياتهم، وما علينا سوى تقديم الأدوات المناسبة لتذليل تلك السبل، وقد يستحيل الاختبار امتحاناً بالفعل! إذا ما تغير مفهومه بتغير رجاله وزمانه وضوابطه. [email protected]