2018-06-08
كثيراً ما تدور حوارات أسميها الحوارات النصفية في المؤسسات، تلك الحوارات التي يتمنى فيها أحد الموظفين أن يكون في منصب ما، وربما يتمنى زوال المدير الفلاني لأنه يراه محظوظاً من حيث البدلات والمكافآت والميزات التي تقدمها له الشركة أو أو المؤسسة.
والمصيبة الكبرى أن في الحوارات النصفية هذه لا يدرك المتحدث أنه يرى من الحقيقة الوجه الذي يريده فقط، ويغفل من خلال الاستهانة بعطاء ذلك المدير الجهد أو الضغوط التي قد تصاحب هذا المنصب والمسؤولية الحقيقية التي تترتب عليه.
ولو أننا بدأنا بالحوار مع هؤلاء النصفيين في تبيين الوجه الآخر من الحقيقة لوجدتهم ينكمشون، بمعنى أنك لو اختبرتهم في جديتهم في تولي المنصب وكل ما يترتب عليه من ضغط والتزام، ستجد أن أكثر الذين ينتقدون هذا المدير أو يتمنون مكانه وميزاته ليسوا على استعداد لوضع أنفسهم مكانه، بل قد تجدهم يتعاطفون معه ويرأفون لحاله ويدركون النعمة التي هم فيها بالرغم من أن الميزات التي يحصلون عليها لا تقارن.
الشاهد من الأمر أن لكل مكان مقال بل وفعل يحتاج الإنسان أن يغيره ليستطيع التعامل مع المواقف والأماكن التي يوضع فيها، ولا يمكن لإنسان تخيل العبء أو التعب الموجود في مكان ما حتى يقع في الحيثيات والمعطيات نفسها التي يفرضها عليه الزمان والمكان، وإن التقليل من عطاء الآخرين دون الخوض في التفاصيل الخاصة والظروف يجعلنا نرى نصف الحقيقة بنصف عين، فيكون حكمنا قاصراً ونظرتنا أقل وعياً، وإذا رأيت شخصاً في خير ما بعينك، فتخيل نفسك في موقفه بكل ما يحمله الموقف من أوجه لتكون منصفاً.
[email protected]