2018-06-08
عندما تحمل دولتنا الإمارات العربية المتحدة رسالة للآخر مفادها أن أبناءنا رسل سلام ومحبة وتسامح، وأن مجتمعنا يقبل كل الثقافات ويتعايش بشكل سلمي مع مئات الجنسيات على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وخلفياتهم وألوانهم وأعراقهم، فهنا تكمن الرسالة والهدف الذي يجب أن يعيه أبناء المكان الواحد.
تلك السلوكيات يجب أن يطبقها الفرد على نفسه ومن ثم محيطه الأصغر فالأكبر، ليبدأ التسامح مع الذات وتعويدها على تقبل الاختلاف على النحو الذي يكون فيه الآخر وليس كما نريد نحن.
وهنا تحديداً أخص قبول أفكار الآخرين وعدم إطلاق الأحكام المسبقة على كل من يعبّر عن رأيه من خلال المنابر المتاحة ووسائل التواصل الاجتماعي.
فأخيراً وبعد ما تعرض له المجتمع من برامج تخاطب العقل وتثير في النفس تساؤلات كثيرة برزت على السطح نماذج تقيم الأفراد وتصنفهم أيديولوجياً وفكرياً بمجرد أن يلمّح الأول أنه مع أو ضد فكرة أو رأي معين، فيأتيه بعدها سيل التهم ليخوض حرباً إما أن ينتصر فيها بحججه وبراهينه المسنتدة إلى العقل والمنطق أو أن يرضخ لآراء اكتسبها من محيطه الصغير فجعلها ثوابت له لا تمس ولا تتغير.
لا بد أن نعي أن أفكارنا التي بنيت على أسس كالفطرة والعبادة والتربية يجب أن تدعم بالأدوات المعرفية القائمة على الاطلاع والقراءة والمناقشة المجدية والتحليلية، حتى يسير الجانبان في اتجاه وسطي ومتوازن، وهو ليس بالأمر الصعب في فضاء البيانات المفتوحة وسهولة الوصول إلى المعلومة وأهل العلم والاختصاص.
لنكن أصدقاء للحوار لا أعداء له، لأن ذاك هو الذي يؤدي إلى التسامح والتعايش مع الآخر، فقدسية الأفكار والآراء الشخصية تقود إلى تحجر المواقف وتخلف الفرد عن ركب التغيير الذي يؤدي إلى التنمية بمختلف أشكالها.
وهنا أذكّر بالقول الشهير «ما جادلت جاهلاً إلا وغلبني، وما جادلت عالماً إلا غلبته» وما أكثر الجهلاء الذين لا يعون أنفسهم، وكما قال الإمام الشافعي أيضاً «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأيُ غيري خطأ يحتمل الصواب».
وبصريح العبارة عدم قبول الآخر وفكره يعني تطرفاً .. والتطرّف خطر تكرس كل الجهود الدولية لنبذه والقضاء عليه وعلى ما يصاحبه من خطاب للكراهية، فاستدعت الحاجة إلى تكثيف الجهود من أجل مواجهة هذا الغول فكان الإعلام من هذه الوسائل، إلا إن قبله تأتي التربية وتهذيب النفس وتطويعها لقبول الآخر.
[email protected]