الخميس - 26 ديسمبر 2024
الخميس - 26 ديسمبر 2024

حماية الخصوصية بقوة القانون

رسائل كثيرة وصلتني بسبب قانون من الاتحاد الأوروبي، الرسائل من مواقع وخدمات في الويب أستخدمها أو استخدمتها يوماً وكلها تخبرني بأن سياسة الاستخدام والخصوصية تغيرت وعلي معرفة ذلك، وبعضها يقدم خيارات تحديد ما يمكن للخدمة فعله بالبيانات التي تملكها عني أو ما إذا كان بإمكانها إرسال رسائل تسويقية لي. القانون الأوروبي لحماية البيانات صدر في 2016 وهو متعلق بحماية بيانات جميع الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، والقانون متعلق كذلك بتصدير بيانات هؤلاء الأفراد إلى دول أخرى خارج منطقة الاتحاد، القانون يؤثر على أي مؤسسة تتعامل مع أفراد الاتحاد الأوروبي ويفرض على المؤسسات حفظ بيانات الناس دون معرفة هوياتهم، وكذلك يفرض على المؤسسات استخدام أعلى مستويات الحفاظ على الخصوصية بشكل تلقائي، بمعنى أن المؤسسة عليها حماية خصوصية المستخدم حتى لو لم يطلب المستخدم ذلك. هذا ملخص لا يعطي القانون حقه لكن مساحة المقال محدودة لذلك أكتفي بالملخص. بعد أيام قليلة من بدء العمل بالقانون قرأت خبراً رسمياً من مؤسسة كبيرة معروفة تعترف فيه بأنها استخدمت إحدى خدماتها لجمع البيانات، الخدمة عبارة عن مخزن للخطوط للمواقع ويمكن لأي موقع استخدام هذه الخطوط مجاناً، مقابل ذلك المؤسسة وجدت فرصة لجمع بيانات الناس باستخدام هذه الخطوط، أي زائر لأي موقع يستخدم هذه الخطوط سيعطي المؤسسة مجموعة من البيانات ومن بينها المواقع التي يزورها. ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يكتشف فيها الناس أن هذه المؤسسة بالتحديد تجمع بيانات الناس، فهي تعيش في كل مكان، في جيوبهم من خلال الهواتف وفي تطبيقات مختلفة للهواتف وفي المواقع من خلال خدمات تقدمها للمواقع وتستخدم في عدد لا يحصى من المواقع، بمعنى أن الفرد لا يمكنه أن يهرب من متابعة هذه المؤسسة دون أن يفعل الكثير لحماية نفسه من تتبعها. عندما نعيش في عصر المعلومات ويكون للمعلومة ثمن أغلى من الذهب فلا غرابة أن يسعى الجميع لجمع المعلومات عن الناس، ولا غرابة أن يشعر الاتحاد الأوروبي بالتهديد والخطر من ترك مؤسسات كبرى تجمع بيانات مواطني الاتحاد، ولذلك وضع هذا القانون لحماية الناس واحترام خصوصياتهم. لا يمكن الثقة في الشركات الكبرى لأنها في موقع سيطرة وقوة وليس من مصلحتها عدم استخدام هذه القوة، الإغراء أكبر وأقوى من أي مقاومة، حتى الغرامات المالية لن تكون رادعاً للمؤسسات، لذلك لا بد من قوانين أكثر صرامة لحماية الناس من المؤسسات.