2018-05-10
عجلة التطوير أصبحت نهجاً موسعاً في أمور الحياة كافة، سواء من الناحية الاقتصادية، الزراعية، الصناعية والتكنولوجية، الطبية، وكذا العسكرية وغيرها من الأمور الحياتية.
إن دوائر التطوير وهالاتها تنعكس وتتبلور في مكونات الحياة في شتى بقاع العالم، بل وينعكس تأثيرها وتطوراتها على الإنسان الفرد بشكل عام وخاص في مجمل حياته المعيشية، الاجتماعية والعلاقات الإنسانية برمتها.
بيد أن الشركات العاملة والدوائر الرسمية والمؤسسات العملاقة لها النصيب الأكبر من هذا التطور سواء من الناحية الإيجابية أو السلبية، ما يشي بظهور وبروز (استحداث الوظائف) في المجالات المهنية كافة، خصوصاً الوظائف التي لم تكن موجودة في المسلمات الوظيفية من قبل، ولم يُسمع عنها لا من قريب أو بعيد، حتى في المخيلة العلمية.
واستحداث الوظيفة لا يتأتى عشوائياً أو تبعاً لفلسفة آنية أو لمجرد هالة فقاعية تحت مسمى معين، أو قد تكون طبقاً لتصور خرافي في مخيلة بعيدة عن الواقع، ما يثير فضول ضحكات هستيرية تجرد المؤسسة من صلاحيتها وديمومتها، وتصبح على مر الزمن (سكرباً) خرباً لا فائدة منه.
ليس من الصواب أن استحدث وظيفة مثلاً (لاصق طوابع) في مؤسسة لا يتجاوز عدد أفرادها أصابع اليد، وليس من السهل عمل هيكلة تنظيمية إدارية لوظائف من الطبقات الدنيا، وإن انتحلت لها مسميات أكبر من حجم الأعمال. ولنضرب مثلاً بالمسمى الهش الهوائـي .. يستحدث وظيفة (فك وخلع الدبابيس من الإضبارات) يستحدث وظيفة من يقوم بهذا العمل البسيط إلى أبعد الحدود، ونخلع عليه وظيفة (منسق الإضبارات) أي الملفات.
وبالعودة إلى الهيكل المسمى لتلك الوظيفة الفعلية (منسق الملفات)، يبدو أن لها مدلولاً من حيث التنظيم والخبرة والممارسة العملية العِلمية الفعلية، أنها تتميز بمعرفة وحذلقة جادة في ماهية العمل. كأن يكون صاحب تلك الوظيفة جامعياً أو من يحمل دبلوماً تجارياً مؤهلاً، في دراسة سنتين إلى أربع، إضافة إلى المهارة الكتابية والقراءة في لغتين على الأقل. وأن يكون قد حصل على إجازة من العمل السابق، تجيزه وتحفزه على أداء العمل على أكمل وجه، هذا ناهيك عن الخبرة المكتنزة كل في مجال تخصصه ودراسته.
إذا استمرت بعض الإدارات والمنشآت على اختلاف أعمالها في تصنيف وخلق وظائف ومسميات حسب المزاج والأهواء فلا شك أنها سترتبك في أقسامها كافة، وثــَم من تبدو الضحكات الهستيرية تناوش الخبراء والاستشاريين ومن يشاكلهم إذا تلمسوا مسميات وظيفية لا تخطر على بال أحد منهم.