تكاد تتفق قصص الحب الشهيرة في التاريخ العربي على نهاية مأساوية واحدة، هي الفراق والبعاد، وربما لا يعرف التاريخ العربي قصة انتهت نهاية سعيدة بزواج أبطالها سوى قصة عنترة بن شداد العبسي وابنة عمه عبلة بنت مالك التي لاقى الأهوال وأوذي في سبيل أن يصل إليها ويتزوجها.وكان العامل المشترك في أسباب هذه المآسي، التي خلقت من أصحابها أبطالاً تاريخيين نتناقل أشعارهم ونوادرهم وحكاياتهم حتى يومنا هذا، هو طبيعة المجتمع العربي في تلك الأزمان، والذي لم يكن يرضى بزواج من يقول الشعر في بناته، وهي مفارقة غريبة، فرغم اشتهار العرب بأشعارهم في الغزل والثناء على المحبوبة والتعبير عن الأشواق والوله والحب والعشق والهيام حتى إنهم طوعوا كل مفرداتهم اللغوية للتعبير عن الصبابة والمحبة، إلا أن العرب كانوا أكثر من يقف في سبيل المحبين ويعارض إرادتهم في القرب والزواج.وما أدل على ذلك من النهايات الأليمة التي تكاد تتشابه في مختلف قصص العشق الشهيرة، فهذا جميل بن معمر الشهير بـ «جميل بثينة»، مات وحيداً في مصر بعدما هرب إليها لينسى حبه الذي وقف الأهل حجر عثرة في طريقه، بالرغم من أنه وبثينة كانا من قبيلة واحدة «بني عذرة»، حيث أجبرها أهلها على الزواج من آخر بالرغم من اشتهارهما بالعفة والطهر.النهاية ذاتها واجهها كثير الخزاعي الذي اشتهر بـ «كثير عزة»، حيث رفض أهل عزة أن يزوجوهما وأجبروها على الزواج من آخر انتقل بها إلى مصر هرباً من أشعار كثير وحتى يدفعها للنسيان، بينما مات كثير حزيناً يبكي حباً لم ينسَه حتى أيامه الأخيرة.فيما تعد قصة قيس بن الملوح وليلى العامرية بمثابة أيقونة قصص الحب العربية التي تؤكد وتؤصل لفكرة رفض العرب زواج من يقول الشعر في بناتهم، وهي القصة التي انتهت بفقدان قيس لعقله حتى قيل فيه «مجنون ليلى» صدقاً من دون مبالغة بعدما فعل فيه العشق الأفاعيل وأطار لبه الوله، وانتهى به الحال وحيداً شارداً بين الجبال حتى لفظ أنفاسه وهو لا يزال يردد أشعاره في محبوبته التي قتله عشقها.s.madani@alroeya.com