فرق تسد، الجملة التي حفظناها من كتب التاريخ في المدرسة، أو ربما من الصحف والكتب، وهي جملة لها طرفان، إن كنت ممن يمارس التفريق فالجملة استراتيجية معروفة ولها أمثلة تطبيقية في تاريخ الحضارات، وإن كنت من الفريق الثاني فالجملة تحذيرية لتذكر محيطك بأن هناك عدو يريد التفريق بينكم.في عالم الشبكة وعالم التطبيقات، يمكن لفرد واحد أن يمارس ما كانت دولة تفعله في الماضي، لكن الآن ما يحدث في الشبكة هو ما تخطط له دول وشركات وأفراد ومنظمات من كل نوع، بحر من التضليل وأنصاف الحقائق وهي في رأيي أخطر من الأكاذيب، أصبحت الشبكات الاجتماعية مصنعاً للغضب والسخط وكثير من الجدال في كل قضية صغيرة أو كبيرة، لِم يريد أي شخص أن يبقى في مثل هذه البيئة؟قرأت دراسة لجامعة جورج واشنطن في أمريكا حول حسابات روسية حاولت إثارة الناس بالوقوف معهم وضدهم في قضايا ساخنة، نفس الحساب سيوافق ويخالف الآخرين، فقط لخلق بيئة من السخط وانعدام الثقة بين الأفراد من شعب واحد وبالتالي التأثير في نتائج الانتخابات، الهدف ليس وصول مرشح محدد بل خلق بيئة من انعدام الثقة وصنع فجوة لا يمكن ردمها بسهولة.هذه الحسابات تدخل في نقاشات حول قضايا مثل الأسلحة، التمييز العرقي والتطعيم، في قضية التطعيم مثلاً روجت هذه الحسابات أكاذيب عن خطر التطعيم وأنه يتسبب في إصابة الأطفال بالتوحد (وليس على هذا دليل) ثم في نقاشات أخرى تجد نفس الحسابات تقف مع التطعيم وتتهم الرأي الآخر بالتخلف والرجعية.الهدف هنا فرق تسد، هذه الحسابات تريد إضعاف الطرف الآخر وخلق جو من انعدام الثقة وكذلك تضليل الناس الذين لم يقرروا بعد ما هي آراؤهم في قضايا مختلفة.للأسف هذا التضليل ليس محدوداً بفئة محددة، هو موجه في الغالب لشعب محدد لكن طبيعة الشبكة تجعله نقاشاً مفتوحاً للجميع وسيصل أثره لآخرين حول العالم وسيكون له أثر سلبي، مؤسف أن أرى وأعرف من يقف ضد التطعيم في العالم العربي، وهذه قضية واحدة لم يكن لها صوت عربي، لكن مع وصول الملايين إلى الشبكة واتصالهم وتواصلهم مع العالم ستجد مثل هذه الأفكار طريقها إلينا وستؤثر فينا.من ناحية أخرى الروس ليسوا وحدهم في فعل ذلك، هناك أناس من مختلف الدول والثقافات يمارسون التضليل وتقف خلفهم جهات حكومية أو خاصة، كيف تتعامل مع هذه البيئة؟ شخصياً اخترت الابتعاد، الكتب والأبحاث أفضل من أي شبكة اجتماعية.a.muhairi@alroeya.com