عن أم المؤمنين، السيدة عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سددوا وقاربوا، واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»؛ جزئية النص الأخيرة الخاصة بديمومة العمل، تستوجب بعض التوسع في التعليق عليها، علما بأن الحديث روي بأكثر من طريقة..يقول الإمام ابن رجب، رحمه الله تعالى، في رسالة مطبوعة له اسمها (المحجة في سير الدلجة): «أحب الأعمال إلى الله، عز وجل، شيئان: أحدهما: ما داوم عليه صاحبه وإن كان قليلاً، وهكذا كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمل آله وأزواجه من بعده، وكان ينهى، صلى الله عليه وسلم، عن قطع العمل.. والثاني: أن أحب الأعمال إلى الله، سبحانه وتعالى، ما كان على وجه السداد والاقتصاد والتيسير، دون ما كان على وجه التكلف والاجتهاد والتعسير»..ليس صحيحاً إطلاقاً قول: «الأجر على قدر المشقة»، ويكفي في تصحيح هذه العبارة الشهيرة، قول الرؤوف الرحيم، صلى الله عليه وسلم: «اكلفوا من الأعمال ما تطيقون»؛ ففي المباحات كذا في الطاعات يبذل الإنسان وسعه وجهده في تحصيل الخير، ولا يكلف نفسه ما لا تحتمل، حتى لا يترتب على ذلك ضرر أعظم في الدين أو في الدنيا، وبفهم ذلك ينجلي التعارض بين المثابرة على العمل الصالح، والأمر بإتقانه، وبين الأمر بالديمومة اليسيرة، وعدم تكليف النفس فوق طاقتها.a.fadaaq@alroeya.com