فقط أقول
دائماً عندما تشتكي لي إحدى الرفيقات من عدم قدرتها على الكتابة في فترة من الفترات، أو توقفها عن الكتابة منذ زمن، بحزنٍ وضيق، ودون معرفة السبب، تكون مواساتي لها بهذه الكلمات: «شيءٌ طبيعيٌّ جداً يمرّ به كل المبدعين».لماذا؟ لأن الكتابة تستهلك الروح، الكلمات التي نكتبها جزءٌ من أرواحنا، والروح لها طاقتها، واحتمالها، لذا تحتاج إلى الراحة بين حين وحين، وتحتاج إلى تجديد نفسها وطاقتها كذلك بين حين وحين.لذلك نمرّ بفترات النقاهة هذه، أو سمّها فترات الركود إذا أردت، هي استراحةُ محاربٍ، وهدأةُ طفلٍ مشاغب، قد تطول وقد تقصر بحسب حاجة الروح، وهذا جيّد، ويمنح المبدع الفرصة للاستسقاء من القراءات المختلفة، من الكتب والحياة، والتجريب الأكثر لأشياء جديدة أو تجديد تجربة أشياء مختلفة في دنياه.ليس عليك أيها المبدع أن تتضايق إذا أصبت بهذا، وتظن أن موهبتك غاضبةٌ عليك، وقد لا تعود، بل عليك أن تعاملها معاملة الرفيق الذي يطلب منك أن تأذن له بالعزلة لبعض الوقت، أو لأيام حتى يريح باله وقلبه ويعود للتنفس بشكلٍ طبيعيّ وأفضل بعدها، عليك أن تأذن لها، أن تنظر إليها بحنان وهي تنام في سكونٍ بعيداً عنك، أن تدعو لها كل ليلةٍ بالعودة الجميلة، والبقاء الأجمل.العملية الإبداعية ليست معقدة، وفهمها سهل، كل ما نحتاج إليه هو تأملها في نفوسنا، وتأمل نفوسنا فيها، أن نتأمل كيف تأتي، كيف تبقى، كيف تنمو، وما الذي يجب أن نفعله معها، وما الذي تفعله معنا، فهم نفسك هو المدخل، كل ما عليك هو بذل الجهد المطلوب لذلك، وكن بسيطاً ومتفهماً، فهذا سيريك وجه موهبتك الواضح من دون حجب التعقيد التي تجعلك تقع في حفرة الضيق كلما مررت باستراحات المحارب خاصتك.فقط أقول: وهذا لا يحدث إلا مع المبدع الحقيقي، أما المزيّف والذي يحاول أن يكون صاحب موهبة ليست له، فإنّ استراحاته ليست استراحات، وإنما هروبٌ لا عودة بعده.n.dhahri@alroeya.com