فقط
ما لا تذكره السير الذاتية للموظفين نوعية المحاربين الذين بداخل كل منهم. فالانتصارات التي تُسجل في قائمة الإنجازات الشخصية للناجحين في مناصبهم لا تعني مطلقاً أنها خطط سلمية فقط تخلو من أية حروب أو عمليات تصفية لأشخاص أو لمناصب بعينها. بالتالي أثناء سعي الشركات والمؤسسات لاستقطاب الكفاءات المميزة، تكون أيضاً في سعي حثيث لضم أفضل المحاربين في صفوفها.
بذلك هي تعترف ضمنياً بأن ما وراء مكاتب موظفيها المكتظة بالأوراق ساحة قتال تحتدم فيها المواجهات يومياً بناء على قوة تلك المؤسسة وشراسة منافسيها، وكذلك على عمق التنافس بين موظفيها لبلوغ القمة مع كل مشروع قائم يحمل علامة تلك الشركة التجارية. ويوماً ما، ستكون أنت ـ الموظف أو الموظفة ـ طرفاً في حرب «مهنية» صغيرة أو كبيرة. وحينما يحين دورك في اتخاذ الخطوة التالية، سيقع على عاتقك انتقاء مقدار القوة المناسب للرد على زميلك في العمل أو على الطرف المقابل، وذلك بعد حوار مطول مع المحارب الخفي بداخلك.
فهل أنت معتادٌ على قذف قنابل نووية تعصف بالمكان من أوله لآخره؟ أم إنك ممن يميل للرد بمعارك صغيرة لا يلتقطها رادار مقر عملك لكن قذائفها تصل إلى خصمك بالتأكيد؟ وهنا هل أنت الحرب، أم السلاح، أم من يشعل الفتيل في طرف رداء المكان؟
وكي يكون لقوتنا تأثير علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أساليب الحروب التي يتبعها خصومنا. لئلا نضع القوة المناسبة في المكان غير المناسب أو أمام الشخص غير المناسب. فأحياناً تعتقد أنك في معركة مع شخص واحد، بينما يكون الواقع أن الفئة التي ينتمي إليها تعمل معاً في الرد على أي هجوم يستهدف أفرادها. بالتالي لا يكون منطقياً تركيز هجوم ضخم على الطرف الرئيس وتجاهل كل أذرع الأخطبوط الأخرى المتصلة به.
يقول ريشارد برايس: «كلما كبرت المسألة التي تتعامل معها، قلّ تعبيرك عنها. تذكر ذلك جيداً. فأنت لا تفصّل حديث أهوال الحرب، وبدلاً من ذلك تختار أن تكتب عن جورب طفل محترق مرمي على قارعة الطريق. هنا اخترتَ أصغر أمر يمكنك إدارته من الحدث بأكمله، لتتخلص من الصدى المرافق له».
r.algebreen@alroeya.com