قُلتُ في بداية حلقات دورتي الشعرية السنوية التي كنت ألقيها في الجامعة تحت عنوان «بحور الشعر» للطالبات المشاركات: من كانت لا ترى أن الشعر قضية أساسية في حياتها فليس عليها إكمال الدورة معي لأنها لن تستفيد شيئاً.
فوجدت في الحلقة الثانية انسحاباً من بعض الطالبات، فنالني من الاستغراب ما ينال أي مهتم بالقضية الشعرية، لماذا نكتب الشعر إن كنا لا نؤمن بأهميته في الحياة، لماذا نكتبه لمجرد التسلية، ألهذه الدرجة هان علينا قدر الشعر الذي لقب في يوم ما بديوان العرب لما يمثله من وعاء تاريخي وجغرافي واجتماعي للإنسان العربي؟
لعلنا في بداية تشكل موهبتنا نكتب ما في خاطرنا للتعبير عمّا يجيش في صدره، ولكن إذا كنا شعراء حقيقيين، فمع التقدم في العمر والتطور في هذه الموهبة، سنجد أنفسنا نهتم به كثيراً كشيء أساسي مرتبط بوجودنا ارتباطاً كبيراً، سنشعر بأن العيش دونه صعب، وكلما انقطع عنّا ستخنقنا غصة مشاعرنا وكثافة دخان تجاربنا التي نود أن نشكلها في جرارِ القصيد، سنبدأ في النظر إلى الشعر على أنه قضية إنسانية واسعة، وليس فقط تعبيراً عن الذات الخاصة.
إذا لم تشعر بأن الكتابة الشعرية ورطة، فلا تكتب، إذا لم تشعر بهذا الانجذاب الشديد القوي تجاه كتابة بيت أو إبداع فكرة جديدة في الكتابة، فلا تكتب، إذا لم تدهشك جماليات قصائد الآخرين فلا تفكر بالكتابة، الشعر أكبر من مجرد لغة تتسلى بها، أكبر من مجرد نظم تقلد به نصوصاً لاقت إعجابك، الشعر حياة في حياة، إذا لم تقدرها حق التقدير فستفسدها باهتمامك المزيف، فالأفضل حينها أن تتراجع عن إلزام نفسك بلبس روحها الراقية.
فقط أقول: إن كانت لديك الموهبة، فسيساعدك الشغف في الشعور بكل ما سبق، وإن لم تكن لديك، فمحاولاتك ستكون قصائد عابرة، مهما كان جمالها، عابرة في حياتك، لا أقول لك لا تكتب، ولكن آمِن فقط. n.dhahri@alroeya.com
فقط أقول
نجاة الظاهري