الفقهاء مجمعون على أنَّ المستطيعَ أجّل أداء الحج، حتى أدَّاه آخِر عمره، لا يؤثم، ويكون في ذلك مؤدياً لا قاضياً، واتفقوا على أنَّ المستطيعَ لو مات قبل أن يحُجَّ، ولم يُوصِ بالحَجِّ عنه، يكونُ آثماً؛ واختلفَوا هل يجب الحجّ فورَ الاستطاعة، أو على التراخي؟ جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أن الحجَّ يجبُ على الفور، وأن التأخيرَ فيه إثمٌ على المستطِيع حتى يحُجَّ، لأنه فريضةٌ وقتها العمر، بينما ذهب السادة الشافعيةُ إلى أن الحجَّ يجبُ على التَّراخي، محتجين بتأخيرهِ صلى الله عليه وسلم، للحج، سبع سنوات، وكان قد فُرض في السنة الثالثة، من الهجرة المباركة..
ما تقدم ذكره، يعني أن على المستطيعِ للحج ماليّاً وبدنيّاً المبادرةُ والتعجيلُ إلى ذلك، على سبيلِ النَّدْبِ والاستحباب، ويجوز له التأخير، إن غلبت على ظنه السلامة والاستطاعة، وإن تيسر له الحج، وقع ذلك أداءً لا قضاءً، أما من غلب على ظنه الموت بالمرض، أو الهرم، فإن الوجوب يتضيق عليه، كما ذكره الفقهاء.. فقهاء المذاهب ناقشوا أيضاً موضوع من مات وهو مستطيع الحج، وذكروا أن من كان مستطيعاً وماتَ قبل أدائه للفريضة، لا يخلو من أن يكونَ قد ترك وصيةً، وخلَّف ترِكَة، وقالوا إن أوصى يُحَجُّ عنه وجوباً، من ثُلُث ماله، أو من جميع ماله، وإذا لم يوصِ حُج عنه استحباباً، بغض النظر عن كونه ترك تركة، أو لا.. اللهم وفق، وتقبل.
a.fadaaq@alroeya.com