قبل أيام قرأت تغريدة حول رهاب الوقت، أي الخوف من مضي الوقت. ومن عادتي أن أقرأ انطباعات القراء حول أي معلومة مثيرة للاهتمام. وجدت أن أغلب القراء ـ وأنا منهم - يرى نفسه مصاباً بذلك الخوف بصورة أو بأخرى.
فما هو كرونوفوبيا Chronophobia؟ كلمة مشتقة من كلمة Chronos اليونانية بمعنى الوقت وPhobos بمعنى «الرهاب»، فهو الخوف الدائم وغير العقلاني في كثير من الأحيان من المستقبل أو الخوف من مضي الوقت ونفاده. وتندرج تحت فئات الفوبيا أو الرهاب كرهاب المرتفعات، الأماكن الضيقة، الحشرات، والتحدث أمام الجمهور وغيرها. يرى علماء النفس أن أغلب الناس يدركون أن بقاءهم على الأرض محدود، لذا يقلقون من نفاده ويعانون في تتبع مساره وملاحقته. لكن العلماء يرون أن هناك أناساً معرضون لهذا الرهاب أكثر من غيرهم وهم: المسجونون، ويعرف أحياناً باسم «عصاب السجن». وأيضاً كبار السن، وكذلك المصابون بالأمراض القاتلة لأنهم أكثر إحساساً بقيمة الوقت ومحدوديته ممن سواهم، لأن مضي الوقت سيؤدي في النهاية إلى موتهم. ويظهر كذلك الخوف من الوقت أحياناً في أعقاب صدمة شديدة مثل كارثة طبيعية، أو بعد النجاة من الحوادث كغرق السفن على سبيل المثال. لذا يستخدم بوصفه أحد المعايير التشخيصية لاضطراب ما بعد الصدمة PTSD.
لكن اللافت للانتباه أن أغلب الانطباعات التي قرأتها على التغريدة هي لأناس أسوياء ليسوا مسجونين ولا كبار سن ولا حتى ناجين من كوارث طبيعية أو حوادث قاسية، وهذا بالتحديد ما دعاني لتناول هذا الموضوع، الذي يرقى إلى كونه ظاهرة جديرة بالاهتمام.
فالكثيرون أصبحوا يشعرون بأن الوقت يلاحقهم منذ الصباح وحتى الخلود إلى النوم في نهاية اليوم، ويشعرون بالضيق لكونهم لا «ينجزون» شيئاً يستحق الذكر أو يستأهل الوقت «الثمين» الذي مضى، ما يجعلهم في حالة نفسية مزرية تتفاقم يوماً بعد يوم. وهنا أود أن أصارحكم بأن للوعاظ وأيضاً المشتغلين في تطوير الذات والتنمية البشرية دور في تفاقم المشكلة بدلاً من أن يكونوا طرفاً في حلها.
فعندما يضفي الوعاظ على السلف الصالح والعظماء السالفين هالات كثيفة من إنجازاتهم التي تتجاوز أعمارهم، وأنك يا (ابن آدم إنما أنت أيام، كلّما ذهبَ يوم ذهب بعضُكَ). وعندما يضغط مدربو تطوير الذات بضرورة التخطيط للحياة ووضع جدول زمني دقيق لكل ساعات اليوم؛ كل ذلك أضاف عبئاً نفسياً ثقيلاً وإحساساً بالتخلف والتقصير مما يتطلب علاجاً عاجلاً قبل فوات الأوان. فما هو العلاج يا ترى؟
فكروا معي بالعلاجات إلى حين لقائنا المقبل، بإذن الله.
a.alzarooni@alroeya.com