للغربة في الكتابات الأدبية مكانة كبيرة، والكثير من أصحاب التجارب الأدبية الرفيعة كتبوا عن اغتراباتهم حيثما كانت، ومن تلك الكتابات صدرت أفكار تحمل إسقاطات متنوعة، فهناك من دوّن همومه وحنينه وحبه للوطن والأهل والأصحاب، وغيره تحدث واصفاً المكان الذي هو فيه، وآخرون كتبوا عن صداقاتهم الجديدة، أو مفارقات شاهدوها.
ومن أجمل الأقوال المنثورة ما قاله أبوحيان التوحيدي «إن أغرب الغرباء من عاش غريباً في وطنه»، ولعله قال ذلك بعد أن جرّب الغربة في خارج الوطن وداخله، وهناك مثل التوحيدي عدد كبير في بعض الدول العربية وغير العربية، فحيثما وُجد الاضطراب وعدم الاستقرار وعدم تقدير الإبداع شعر المثقف أو المبدع بالاغتراب داخل وطنه، أما الأوطان التي تعطي المبدعين حقهم، وتهتم بهم، وتعدهم واجهة حضارية مشرقة لها، فهي الأوطان التي تكسب.
المثقفون أسسوا نظريات فكرية في الدول المتقدمة، ولو توفرت الظروف المناسبة لكل القادرين على وضع نظريات في بلدانهم، لربما شهد العالم كثيراً من النظريات النابعة مما يسمى دول العالم الثالث، لكن تلك الظروف لم تتوفر لهم، فلم يحدث شيء، لأنهم غرباء.
a.sagheer@alroeya.com