وداد أبوشقرا

العلاقات الإنسانية مثيرة للشفقة أحياناً، وأيضاً هي مثيرة للدهشة، وتتساءل لماذا تبقى بعض العلاقات حتى آخر العمر؟ ولماذا تنتهي أجملها وأرقها وأعذبها؟ إن ما يبقى في حياتنا من أصدقاء وأحبة، كانت هناك مساحة شاسعة للصراحة والوضوح، وعدم انتظار المقابل، في حين البقية الباقية كانت أحلامنا قد تخطت حواجز الوهم والحلم والكيمياء، وكنا نستدرجهم يوماً أثر اليوم حتى يتسابقوا معنا في الركض كالأحصنة، وكنا نسبقهم دوماً للأسف. أم كلثوم تغني «وعمري ما اشكي من حبك مهما غرامك لوعني»، أنا متأكدة أنها بعد ذلك قد أنهت حب حياتها من قلبها، لأنها لم تشتك ولم تبح بما بداخلها، لأنها قالت بعد ذلك «لكن أغير من اللي يحبك ويصون هواك أكثر مني»، وعبدالحليم حافظ غنى وقال لقلبه مخاطباً إياه «شوف بقينا فين يا قلبي وهي راحت فين»، الأغاني، الكتب، الأفلام السينمائية، المسلسلات التلفزيونية، الفن التشكيلي، هي في الحقيقة تجاربنا في الحياة، فتجد على سبيل المثال، لوحات فنية عريقة تسمى بأسماء من واقع ما يمر به الإنسان الفنان كلوحة «الحرية تقود الشعب»، و«عذراء الصخور»، والعشاء الأخير لدافنشيو، و«خلق آدم» لمايكل أنجلو، و«ليلة النجوم» لفان جوخ. عندما تستقر الطمأنينة في قلوبنا تجاه من حولنا، تستقر العلاقات وتنسجم وتطول، بينما البعض ما إن ينكسر بداخلهم شيء ما تجاهك، حتى لا يستطيعون مطلقاً تجاوزه حتى وأن هم أقنعوا أنفسهم بذلك، تتبدد العلاقات بشكل مرضي وصاخب أحياناً، إنها البضعة الباقية في القلب ليس إلا! البعض لا يعترف بالإقرار بخطئه، فيما الطرف الآخر لا يود أن ينهي البضعة الباقية والمؤلمة التي جعلته لا يستطيع الاستمرار، فينتهي كل شيء، يمكنك أن تسميها الكرامة، أو الخذلان، أو كما قلت سابقاً الانتظار المقيت للحصول مقابل الحب والعطاء والاستنزاف اليومي، وإلا لماذا تصر أم كلثوم ألاّ تشكوا من هول عواطفها وغرامها الواضح، رغم لوعتها؟ الحقيقة التي يدركها البعض للأسف، فيما البقية الباقية لا يتنبهون لها، هو معنى التنظيف من الداخل، أن تفرغ كل ما في داخلك، أن تتصالح مع المواقف، ألا تضمر شيئاً ما بداخلك تجاه أي طرف، حتى وإن لم تنبس بحرف واحد. لا تجعلوا في قلوبكم بضعة من ألم مطلقاً تجاه من حولكم. s.matar@alroeya.com

أخبار ذات صلة