رمسة
من المؤسف جداً، أن نصل إلى حالة من الذعر لا نعود نستشعر فيه الأمان تجاه أبنائنا، بسبب وسائل وُجدت لأجل الترفيه، فتربية الأبناء، اليوم، باتت محفوفة بالكثير من المخاطر والتحديات العصرية.
فمسألة إمكانية انحرافهم السلوكي أو تأثير التكنولوجيا في تحصيلهم الدراسي وصحتهم الجسدية، كانت وستظل من المقلقات، علاوة على «فوبيا الألعاب الإلكترونية»، الملهاة الأكثر جاذبية لجيل الناشئة والبالغين أيضاً، حينما يتم تلغيمها بشكل محكم لا يخلو من الخبث، لاستدراج الأطفال والبالغين لإيذاء أنفسهم من حيث لا يعلمون.
في الفترة القصيرة الماضية، شهدنا على مستوى العالم حالات لأطفال وبالغين قضوا جرّاء تنفيذهم مراحل لعبة «الحوت الأزرق» الإلكترونية، حالات لم يتوقع أهلهم أن ينهوا حياتهم بهذه السهولة أو بهذا الاستسلام لأجل معرفة ماذا يمكن أن يحدث بعد وصولهم للمرحلة الأخيرة من اللعبة.
اللعبة الإلكترونية، صممها شارب روسي يدعى «فيليب بوديكين»، درس علم النفس، وبعد إلقاء السلطات الروسية القبض عليه، وصفته بأنه «مختل عقلياً»، إذ عثرت في منزله على تسجيلات ونصوص شيطانية ورموز غامضة، فمن خلال اشتغاله على الخط النفسي، استطاع أن يرتب مراحل تنفيذ اللعبة بإحكام، إلى مستوى يوصل فيها «المستخدِم» إلى أعلى مستويات من الإدمان والانقياد الكلي لشروط اللعبة.
السؤال الذي يطرح نفسه بعد تداعيات تأثير هذه اللعبة في الأطفال والبالغين على مستوى العالم، وهو: كيف استطاع أن يمرر ذلك المعتوه وفريقه المساعد تصميمه، ويتحصل على ترخيص إجازته وتداوله إلكترونياً عبر متاجر الهواتف المحمولة، وكيف يتم تداول اللعبة من دون قيود وخضوعها للفحص والتدقيق من قِبل الجهات المعنية، مثل هيئة الاتصالات مثلاً؟
بوديكين، صرّح بعد إلقاء القبض عليه، بأنه صمم هذه اللعبة خصيصاً للتخلص من البشر الأغبياء في العالم أو لـ «تنظيف المجتمع من النفايات البيولوجية» على حدّ تعبيره، ما يؤكد مخالفة قواعد اللعبة لغايات الترفيه.
فالاستجواب، كشف عن شخصية المصمم غير السوية، المملوءة بالشر والحقد والكراهية للآخر، فاتخذ من لعبته الشيطانية وسيلة للسيطرة على «السُذّج» أو ممن يسهل اقتيادهم لفخ اللعبة القاتل.
بمكر داعشي، استطاع شاب غِر أن يسيطر على عقول ونفسيات أصحاء من كافة أنحاء العالم، استهل ملهاته الدموية بالتسلية ومن ثم التشويق، فالإدمان، إلى أن قادهم طوعاً إلى «نهاياتهم المؤسفة».
f.lami@alroeya.com