تنظيم المونديال يدهش العالم
نجحت روسيا في تنظيم كأس عالم استثنائي يختلف عن جميع النسخ السابقة، خصوصاً في الجانب الجماهيري وهو ما أكده فعلياً الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا).
ولا يتوقف نجاح المونديال عند المستوى الفني والجماهيري بل يمتد إلى الصعيد الاقتصادي، إذ تشير التقارير لإنفاق السياح في شهر واحد ما يفوق الـ 20 مليار روبل (300) مليون دولار.
ووفقاً لوكالة ريا نوفيستي الروسية الرسمية، احتل قطاع النقل وبالأخص الجوي نصيب الأسد منها بنحو 200 مليون دولار، فيما جاءت الفنادق والمطاعم المركز الثاني، مع الوضع في الاعتبار صعوبة احتساب الدخل في قطاعي التسوق والمطاعم. زيادة رفع المونديال أسعار الفنادق الروسية بمعدل مرة ونصف على الأقل في جميع المدن المستضيفة للبطولة، في وقت اعترف فيه عدد من أصحاب الفنادق برغبتهم في إضافة المزيد، لولا القيود التشريعية التي حالت دون ذلك.
وكانت السلطات قد وضعت حداً أقصى للأسعار في فصل الربيع، اعتماداً على فئة الفنادق بحيث لا يتجاوز سعر الليلة في فندق خمس نجوم في سان بطرسبرغ على سبيل المثال أكثر من (11000) دولار، كما لا يحق لفندق مصنف من فئة نجمة واحدة في منطقة سامارا مثلاً أن يطلب أكثر من 50 دولاراً لكنها تظل غالية للكثير من المشجعين الذين فضل أغلبهم الاتجاه للبحث عن حلول أخرى.
وحظيت بيوت الشباب بشعبية كبيرة، خصوصاً في المدن الرئيسة طوال الأيام العشر الأولى، والتي كانت أكثر ربحية لأصحاب تلك النزل فقد ارتفع السعر من عشرة دولارات إلى 50 دولاراً بزيادة أربع مرات عن ذي قبل.
ورأى يفغيني العامل بأحد الفنادق الصغيرة في العاصمة الروسية أن الوجود الأجنبي في البلاد طغى تماماً على السياحة الداخلية الروسية التي عادة ما تزدهر في فترة الصيف، مبيناً أن الفنادق حققت أرباحاً غير متوقعة على الإطلاق.
وقال «في الغالب هذا هو الوقت المعتاد للضيوف الروس لكن في فترة كأس العالم انحصر الأمر على الأجانب تقريباً، الأمر الذي ساعد على تحقيق إيرادات كبيرة خصوصاً من قبل المشجعين من أمريكا اللاتينية على غرار البرازيليين، المكسيكيين، الكولومبيين، الأرجنتينيين، البيروفيين».
وأضاف «معظم هؤلاء الناس هم في الحقيقة من دول ذات دخل محدود، لكنهم مع ذلك يحرصون على متابعة كرة القدم كل الحرص، أعتقد أنه أمر غير عقلاني تماماً أن تقرر الذهاب إلى بطولة عبر أموال مقترضة، بل إن البعض أخبرني أنه قد باع سيارته لتوفير الأموال الخاصة بالرحلة، في رأيي هذا جنون كامل». نمو لم تقتصر العائدات المادية على المدن الكبرى إذ منحت الفنادق التقليدية في المدن الصغيرة نصيباً هي الأخرى مع اكتمال المباريات في مدن مثل (يكاترينبروغ ، نيجني نوفغورود) ليتجاوز الدخل في أواخر يونيو وأوائل يوليو العام الماضي ما بين 40 و80 في المئة.
ويبدو أن تخوفات أصحاب الفنادق خصوصاً في المناطق الحيوية في المدن الكبرى من وقوع أحداث شغب أو احتفالات خارجة عن المألوف لم تكن في محلها ولعل الأمر الوحيد الذي خيب آمال الجماهير اللاتينية التي تعتبر الأكثر حيوية هو خروج جميع منتخبات أمريكا الجنوبية من مرحلة ربع النهائي.
وعلى الجانب المقابل انعكس الأمر على نوعية المشجعين الذين وصلوا لمتابعة المونديال من نصف النهائي والذي يمكن اعتبارهم أكثر ثراء بحسب تعبير يفغيني، ما أدى لزيادة الإيرادات بمعدل ستة أضعاف. ومع أن قطاع الفنادق يعتبر الأكثر استقطاباً للوافدين لم تختلف عن ذلك المطاعم حيث هرع زوار المدن الكبيرة إلى سلسة مطاعم الوجبات السريعة، ونظراً للعدد الكبير، فقد زاد تدفق الزوار على المطاعم الشهيرة بالقرب من مناطق المشجعين والملاعب بنسبة 20 في المئة في المتوسط، كما جاء في تقرير شركة يومي، التي تدير واحدة من كبرى شبكات مطاعم الوجبات السريعة في روسيا. تراجع يعتقد محللون بحسب وكالة ريا نوفيستي الروسية أن الطلب على المنتجعات السياحية في مدن مثل سوتشي الواقعة في الجنوب الروسي على ضفاف البحر الأسود سيكون محدداً عقب نهاية البطولة قبل أن يبدأ موسم الذروة، ما سيعطى تأثيراً اقتصادياً أكبر.
ويعود ذلك لبناء العديد من الفنادق والمنتجعات السياحية الجديدة خصوصاً لضيوف المونديال، أما بالنسبة للمدن الكبرى مثل موسكو وسانت بطرسبرغ، فإن النسبة لن تشهد زيادة كبيرة ويرجع ذلك إلى حقيقة أنه خلال فترة البطولة ينخفض عدد السياح التقليديين.
ويعوض الطلب الفنادق في فترة البطولة النقص في عدد النزلاء خلال الموسم، حيث يتجنب السياح العاديون الفنادق بسبب ارتفاع الأسعار لكن مع ذلك يتخوف أصحاب الفنادق من انهيار الطلب تماماً مع نهاية المونديال.
وتتوقع رابطة مشغلي الرحلات السياحية في روسيا تحرك الطلب نحو نهاية الموسم أي في أغسطس وسبتمبر حيث سيكون التأثير اللاحق للبطولة قد بدأ في الظهور، إذ من المنتظر زيادة تدفق السياح إلى روسيا بأكثر من 20 في المئة بسبب البنية التحتية الضخمة التي صممت للبطولة، ارتفاع الاهتمام بروسيا كوجهة سياحية.