قبل عامين من الآن استيقظ البريطانيون على بريطانيا المنقسمة بشكل حاد، حيث كان نصف البلد يحتفل في سعادة بالغة للخروج من الاتحاد الأوروبي، ويحلم بالثراء ورسوخ العملة البريطانية، فيما يعاني النصف الآخر عودة بريطانيا وحيدة، وعليه أن يعايش جزءاً من واقعه كذكريات أوروبية موحدة.ووفقاً للمؤرخة كلير جود ارفيير، في حديثها بصحيفة لوموند الفرنسية، فإن البريكست يتخطى بريطانيا وتحول بشكل سريع إلى ظاهرة جديدة في أوروبا، حيث لم يقتصر على بريطانيا أو مجرد خروج دولة من الاتحاد بل محفزاً لدول أخرى لتحذو حذوها.وترى إرفيير أن الإشكالية الكبرى تكمن في أنه على الرغم من عدم تحقيق الأحلام بالصورة والكيفية المتوقعة، إلا أنها عكست صورة للحكومات والشعوب الأخرى التي لم تكن على استعداد لمواجهة قرارات غير استثنائية لا يوجد عبر التاريخ سوى نماذج قليلة منها باستثناء انفصال الأقاليم أو بعض المجموعات.وبشكل عام تضيف المؤرخة الشهيرة أنه من الصعب تقديم قائمة كاملة من التناقضات الجوهرية للاختيار الصعب للبريطانيين، بما في ذلك الخلل في مستوى الإعلام أو التوظيف الضروري لمئات المحامين الأوروبيين للإعداد للبريكسيت، والمختصين لوضع تصورات للكيفية المثلى لتوظيف الموارد المحلية.وتنهي إرفيير بأنه على الرغم من عدم وضوح الرؤية في بريطانيا ما بعد الانفصال عن الاتحاد، إلا أن حالة البريطانيين المؤيدين للخروج والاستقلالية تتراكم بالحدة ذاتها في كل مكان في أوروبا، وأخطرها هو الحدود الأيرلندية التي تقع على بُعد 500 كم من إقليم يتميز بعبور عشرات الآلاف من العابرين يومياً للحدود.الأمر ذاته ينسحب على بلدان عدة مثل إسبانيا والمارتنيك وبقية الجزر الفرنسية، غير أن أيرلندا تظل المرشحة لأن تكون الأولى والأكثر تعقيداً، وهو ما يدفع بالمراقبين للتأكيد على أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي سوف يحدد المصير السياسي للمملكة المتحدة بأكملها، كما مستقبل العديد من بلدان أوروبا.