كيف ستقنع الأسماك بأن التنفس تحت الماء يسبب الوفاة غَرَقاً؟ وكيف ستخبر الأسود بأن اللحوم النيئة أشهى حين تُطبَخ مَرَقاً؟ وكيف ستشرح للحمير أن قطع الشوكولاتة ألذ من البرسيم؟ هكذا فقط ستتأكد من أن العدالة لا تقتصر على التقسيم! فقد تُعلِّمنا الحياة كيف نموت وقد يُعلِّمنا الموت كيف نعيش؟
ترى هل يتسمم البعوض عندما يمتص دماء إنسان شرير؟ لا يهم، فالحقيقة الضمنية أن أولئك المساجين، ينقسمون إلى فئتين اثنتين، أولهما فئة المظلومين الأبرياء، وثانيهما فئة الظالمين الأغبياء، الذين تم القبض عليهم، بتوجيه العدل إليهم، واسترداد الحقوق منهم، لأنهم لم يزحزحوا الشكوك عنهم، ولم يجيدوا الفرار مع الشياطين، بثوب الآدمية من ماء وطين، أو الاختباء من أخطار الوصمة، أو الاختفاء عن أنظار البصمة، بعد فشلهم في بتر أصابع الاتهام، وقتل علامة الاستفهام، فأصبح السجن سكناً للأشرار الضعفاء، المكسورين بلا حلفاء، وذلك إما بسبب قوة الخير المتحمسة للإمساك بهم، أو بسبب قوة الشر المنافسة للإطاحة بهم.
ذات يوم قال الحكيم المجنون، عمّن هم خارج السجون، إنهم يعيشون بين المناضلين الكادحين، والضالين المُرَشَّحين، والأباليس الفرحين! ولهذا رفع يديه إلى السماء يدعو الله الخلاص من الشر، فاستجاب ربه واستيقظ الحكيم، حيث لا يعيش البشر.
e.alhashimi@alroeya.com