في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي يكتب لك خريج برمجة كمبيوتر من دولة عربية يطلب عملاً، فتتعاطف معه لكنك تعتذر منه لأنه ليس لديك شاغر، فيعرض عليك عمل موقع مجاني لمؤسسة ذات نفع عام أنت تديرها، كبرهان على حسن أدائه، ولتحفيزه تعرض عليه عمل موقع إلكتروني خاص بك بسعر السوق، لو نجح في عمل الموقع الخاص بالمؤسسة، نهاية جميلة ورومانسية لو التزم الطرفان بتطبيقها.أنت كمدير مؤسسة تلزم بالعقود حتى الشفوية منها، بحكم عملك الإداري الطويل، أي خبرتك، لكن الخريج الجديد تنقصه الخبرة في كل شيء، حتى الالتزام بوعوده، لأنها ليست جادة، بل حبل حيلة ليصل لمبتغاه. لو عدنا للمثال أعلاه، فالاتفاق واضح، الموقع المجاني للمؤسسة أولاً، ثم موقعك الشخصي المدفوع الثمن، لكن بالنسبة للخريج موقع المؤسسة هو طعم للموقع المدفوع.والخريج يفتقد مهارات خدمة العملاء أيضاً، وهذه ميزة أساسية لمن يعمل في الأعمال، سواء كانت أعمالاً كونية عالمية، كبرامج وتطبيقات الكمبيوتر، أو من شخص لشخص كما هو حال هذا المبتدئ. وللتبسيط، حين تضع سيارتك للخدمة الدورية يتصل بك قسم الخدمة في وكالة السيارات، ويخبرك عن القطع التي تحتاج إلى تبديل في سيارتك، وقيمة كل قطعة، ويخبرك عن القطع الواجب التبديل حالاً، والأخرى التي يجب أن تحسب حسابها في المستقبل، وفي كل الأحوال لا يغير ساكناً حتى ترد عليه.خريجنا هذا يفقد كل هذه المهارات من المصداقية حتى خدمة العملاء، لذلك لا يستطيع أن يرى ما يمكن أن يكون مدخلاً له في مجال الأعمال. فهو بدل أن يبدأ العمل في الموقع المجاني كما وعد، يتخطى جميع حدود خدمة العملاء، ويحجز مساحة على الإنترنت بقيمة ألف دولار، دون الرجوع إليك، ويبعث لك الفاتورة ويطلب منك الدفع حالاً، سأستبعد أن يكون هذا نصباً، وسأظل أعتبره قلة خبرة.المسألة لا تنتهي هنا، لكن حين ترفض سياسة الأمر الواقع، يقوم هذا المبرمج باختراق حاسوبك، ومسح ملفاتك، وعبقريته تجعله يستبعد أن تشك بأنه هو من قام بهذا! وهذا دليل آخر على قلة خبرته، ليس الانتقام، لكن الخلو من المنطقية في التفكير. وعليه، أود توجيه نصيحة أبوية: أيها الخريج العربي، حين تسعى للحصول على عمل، حاول التعامل برقي، وليس بالحيلة! وحين تحاول الانتقام، انتقم بطرق بعيدة عن تخصصك، وأخيراً لا تظن إطلاقاً بأنك أذكى شخص في العالم، فهذه حفرها كثيرة.a.kitbi@alroeya.com