رمسة
قبل أسبوع، تلقيت نصاً مقتبساً من أحد الحسابات الأدبية في مواقع التواصل الاجتماعي، تلقيته صباحاً، وكم ندمت على ذلك الاستفتاح الصباحي، الذي كان مملوءاً بكم هائل من الطاقة السلبية والسوداوية التي صادرت مزاجي وأربكت يومي بأكمله.
بعدها، بقيت واجمة، ولكي أنقذ نفسي من ربقة تلك الكآبة التي باغتتني صباحاً من مصدر قريب، غمست نفسي في تفاصيلي التي أحب محاولة إنقاذ مزاجي، واستعادة طاقتي المسحوبة؛ فبدأت كعادتي في تصفح مواقع لتنسيق الزهور والنباتات، التقطت كماً لا بأس به منها وقمت بإرساله إلى صديقاتي والمقربين مني.
بعدها بثوان معدودة توالت ردودهم على باقاتي الافتراضية، كماً هائلاً من البهجة والامتنان تضمنتها تعقيباتهم على تلك الصور، كانت كافية لانتشالي من غيمتي الصباحية القاتمة؛ أسعدتني بقدر السعادة التي أدخلتها على قلوبهم، وأشعرتني أيضاً بقيمة مبادرتي العفوية.
ليس من حقنا أن نسد نور الشمس، أو نكسر مجاديف أمل الغافين على وسائد أحلامهم، كأن نجيّر كآبتنا للآخرين كيفما تأتى لنا دون أن نراعي كينونة ذلك الآخر؛ حالته، مشاعره، احتياجاته، هواجسه، ومقلقاته، مخاوفه، آلامه.
هناك من يسعون إلى توزيع السوداوية المجانية، والمتاجرة بآلامك أو بآلام الآخرين، وإغلاق نوافذ الأمل في وجوه «المتأملين اليائسين» ـ و هم كثر ـ في هذا العالم الصاخب بأنين البشر المثقلين بمفارقات الحياة المتطرفة حينما يقلب منجل الحياة ظهره وتضيق حدقة الحياة في مآقيهم؛ ممن خذلتهم حظوظهم وعاكستهم أقدارهم بعكس ما يتمنون ويحلمون، أو ممن أصبحوا قشة في مهب الرياح جراء الحروب والتطرف، أولئك البؤساء القابعين في محطات الانتظار. لربما كانت «كلمة» مفعمة بالأمل قادرة على انتشالهم من حالة التيه والضياع التي يمرون بها، كلمة تخلصهم من ربقة اللا قرار والانهزام النفسي وتشتت الذات، كلمة تخلصهم من قلقهم وتردهم عن طريق اللا عودة قبل فوات الأوان.
أن تكون رسول خير عبر نقلك للرسائل أو المواضيع والقصص الإيجابية في بثك روح التفاؤل وشحذك لطاقات المحبة والأمل من خلال وسائطك الخاصة، أفضل من أن تكون كالغراب نذيراً للشؤم والكآبة والسوداوية والكراهية جرّاء ما تروجه بلا مسؤولية أو وعي من اقتباسات مغرقة باليأس والتشاؤم والعجز والانهزام أو بالحقد على فئة ما، فيجب أن نعي مسؤولية الكلمة السلبية التي نتناقلها إلكترونياً وإمكانية تأثيرها في حياة الآخرين. فاطمة اللامي