جاليات
الزمن هو السيد النهائي للإنسان والكون على حسب مارسيل بروست!
يتفاوت قياسنا للزمن نزوحاً إلى أعمالنا أو مجمل انشغالاتنا، ويبدو أن الروائي الفرنسي «مارك ليفي» استشف قيمة الزمن من أحقر ثوانيه وتفاوت تأثيره في الآخرين، حيث يقول على لسان أحد أبطال رواية «ماذا لو كانت واقعية»: إذا أردت أن تعرف ماذا يعني انتظار عام من العمر فاسأل الطالب الذي أنهى للتو امتحان نهاية السنة، وإذا أردت أن تعرف معنى الشهر فتكلم مع امرأة ولدت طفلاً قبل أوانه وهي الآن تنتظر الساعة التي يمكنها ضمه إلى صدرها بدون تعريضه للخطر.
وإذا أردت معرفة أهمية الأسبوع فقابل عاملاً في مصنع أو منجم يكد ويتعب من أجل إطعام أطفاله وزوجته، وإذا أردت أن تعرف قيمة اليوم فاسأل عاشقين مغرمين بجنون كيف يترقبان موعد لقائهما في اليوم التالي، وإذا أردت معرفة قيمة الساعة ففكّر بالمصابين بمرض الخوف من العتمة إذا انقطع التيار الكهربائي ليلاً.
وإذا أردت معرفة قيمة الثانية فانظر إلى التعابير التي ترسم على وجه رجل خرج سالماً من حادث مروع، أما بالنسبة للجزء من الثانية فراقب أولئك الرياضيين الذين يتنافسون على نيل الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية بفارق جزء من الثانية، فكر في هذا الرياضي الذي يمضي حياته يتدرب ويتمرن كي يفوز على خصمه بفارق جزء من الثانية. فلسفة مارك ليفي جمّلت لنا أهمية جزء من الثانية، بينما ساعات الكثيرين تسيل على مدى 24 ساعة في فوضى الثرثرة، والنوم، وخياطة الإشاعات والفتن والانتكاسات والأحلام المجهضة عبر وسائل تواصل مختلفة. إلى لا آخره.
مؤلفة ومدونة