كنت أتصفح مجموعة صور قديمة حفظتها في أحد المواقع، وفي صورة رأيت تعليقاً كتبته عن كتاب قرأته في ذلك الوقت، التعليق ذكرني بالكتاب وبأنني قرأته وبالفكرة العامة للكتاب وقد نسيت كل هذا، كم من الكتب قرأت دون تدوين ملاحظات حولها أو نسخ فقرات منها أو طرح أسئلة لبعض ما تثيره هذه الكتب من قضايا، ليس من المستغرب أن أنسى حتى حقيقة أنني قرأت هذه الكتب.
في الماضي القريب كنت أتعامل مع الكتاب على أنه شيء مقدس، أعني أنني أحاول أن أبقيه كما هو دون أي تغيير، لا أكتب عليه وأحاول أن أبقيه كالكتاب الجديد وعذري دائماً أن هناك من سيقرأ الكتاب لاحقاً لأنني سأعطي الكتاب لشخص ما، الآن تغير ذلك، بدأت أكتب على هامش الصفحات، أطوي زوايا بعض الصفحات للعودة لها لاحقاً، أضع خطاً أسفل بعض الفقرات وهكذا يصبح الكتاب نسخة مختلفة، هذا كتابي وعليه ملاحظاتي وبذلك يكون له قيمة أكبر.
لم أكن يوماً من جامعي الكتب ولا أود أن أبقي الكتاب في مكتبتي بعد قراءته، هناك كتب أود إعادة قراءتها مرة أو مرات وهذه تبقى، لكن أكثرية الكتب تقرأ مرة واحدة، وعندما أقرأ الكتاب دون تدوين ملاحظات حوله أو نسخ جمل وفقرات منه، فهذا يعني في الغالب نسيان الكتاب وأفكاره، ليس كل كتاب بحاجة لأن أتعامل معه بجدية، بعض الكتب خفيفة المحتوى وبعضها كتب للتسلية، أما الكتب المفيدة والجادة فهذه تستحق مني أكثر من مجرد قراءتها.
سبق أن كتبت عن فكرة كتاب المعرفة، وهو ببساطة دفتر أو أكثر يدون فيه المرء ملاحظاته وينسخ جملاً وفقرات من الكتب التي يقرأها وينظم كل هذا في دفتر ليعود لها لاحقاً، البعض يستخدم هذه الدفاتر وسيلة لفهم الكتب بعمق لأن القراءة تكون أبطأ وأكثر حرصاً على الفهم، هذه الدفاتر قد تصبح مصدراً مهماً لاحقاً عندما يصبح القارئ كاتباً، العاملون في المجال الأكاديمي قد يجدون فائدة أكبر في هذه الفكرة، لكن أرى أن أي قارئ عليه أن يدون الملاحظات بأي شكل.
الآن لدينا الأدوات الرقمية على اختلاف أشكالها، صور الكتاب واكتب عنه في أي من التطبيقات والشبكات الاجتماعية، هناك شبكة اجتماعية متخصصة في الكتب، هناك وسائل كثيرة لحفظ وتنظيم الملاحظات، ويمكن التواصل مع آخرين ممن لديهم الاهتمامات نفسها وتبادل الآراء معهم حول الكتب، الكتاب يكون له قيمة أكبر إن استثمر أحدنا مزيداً من الوقت لاستخراج هذه القيمة.
باحث في التنمية والفكر
a.muhairi@alroeya.com