السيئ سريع الانتشار، والسطحي له معجبوه الكسالى الذين ينتظرون كل ما طُبِخ على عجل بلا إتقان، الضحك سيّد الموقف، والسخرية - بمفهومها الرديء والبدائي - مهما كانت ضحالتها ستجد لها مريدين وباحثين. يسّرت شبكة الإنترنت حياة الناس، لكنها مقابل السهولة أصبحت تقدّم معلوماتٍ سطحية ومعرفة معلّبة تخلو من الجهد البحثيّ، إن صحّت تسميتها معرفة أصلاً، الآداب والفنون الأكثر تضرراً من ذلك، كل من كتب حرفاً أو ضرب بفرشاته أصبح «موهبة» تنتشر صورها وفيديوهاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، الجميع يصفّق ويطرب، حتى الطب والصحة لم ينجوا من الدخلاء، وصار كل من زعم نفسه مؤثراً يهرف بما لا يعرف، متجاهلاً الضرر الذي قد يسببه للآخرين. ولعلّ العَجَلة إحدى المشاكل اليومية العالمية، الجميع مضطرون إلى ملاحقة كل شيء: الأخبار، الطعام، مواعيد العمل، والمسؤوليات الاجتماعية، كل شيء يُنجز سريعاً، المهم ألا تفوت اللحظة، أصبح «الآن» هو الشغل الشاغل، التريّث صار منبوذاً، وهو ما ينتج بالضرورة أعمالاً منقوصة خالية من الأصالة، ويُوصم بالتردّد المتمهّلون الذي يحبذّون الإمعان في الأمور. الحديث ليس عن الكم، فهو مسألة جيّدة ولو مؤقتاً، المشكلة في الكيف والمحتوى السيئ، والأثر الذي يخلّفه الجَهلَة لدى الناشئة، الباحثين عن قدوة يجدونها في النجوم الفارغين، الحاملين لواء الجهل فيما يقدّمونهم مستغلّين آلافاً من المتابعين المؤيّدين، والمأخوذين بوهج من يتابعونهم دون تحرٍّ عن الصدقية وصحّة ما يقدّمونه.
هذه ليست مقالة تشاؤمية بقدر ما هي بحث عن نافذة مضيئةٍ تجنّبنا الجهل والجاهلين. إعلامي وكاتب
m.quteineh@alroeya.ae